للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآن ليس أحد من الناس يأتيه الوحي، ولا في وحي ولا إلهام ولا غيره، الكتاب والسنة بين أيدينا، وإذا كان الأمر قابلًا للاجتهاد فليعذر أحدنا أخاه فيما اجتهد فيه، لا بأس من النقاش الهادف الهادئ فيما بين الإخوة، وأفضل أن يكون النقاش فيما بين المختلفين بغير حضور الآخرين؛ لأنّ الآخرين قد يحملون في نفوسهم من هذا النقاش ما لا يحمله المتناقشان، فالمتناقشان ربما يوؤل الأمر فيما بينهما إلى الاتفاق، لكن الآخرون الذين حضروا مثلًا يكون في قلوبهم شيء يحمل حتى بعد اتفاق هؤلاء، فيجري الشيطان بينهم بالعداوة، وحينئذ نبقى في بلائنا.

على كل حال أنا أقول: جزى الله الإمام أحمد خيرًا على هذه الطريقة الحسنة؛ أن السلف إذا اختلفوا في شيء وليس هناك نص فاصل فإن الأمر يكون واسعًا، كله جائز. نعم.

يقول رحمه الله: (يرفع يديه مع كل تكبيرة) أما تكبيرة الإحرام فلا شك في أنه يرفع يديه عندها؛ لأن هذا ثبت في الصحيحين (١٠) من حديث ابن عمر وغيره، وأما بقية التكبيرات فهي موضع خلاف بين العلماء، منهم من قال: يرفع، ومنهم من قال: لا يرفع، والصواب أنه يرفع يديه في كل تكبيرة، لا في هذه التكبيرات ولا في تكبيرات الجنازة، يرفع يديه لأن هذا ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، ومثل هذا العمل لا مدخل للاجتهاد فيه؛ لأنه عبادة حركة في عبادة، فلا يذهب إليه ذاهب من الصحابة إلا وفيه أصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد صح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة في كل تكبيرة (١١). بل إنه روي عنه مرفوعًا، ومنهم من صححه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك هنا يقول: وعن عمر أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيد (١٢)، وكذلك عن زيد (١٣). رواهما الأثرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>