للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلٍّ منها مناسبة: أما مناسبة عيد الفطر فلأن الناس أدوا فريضة من فرائض الإسلام وهي.

طالب: الصوم.

الشيخ: الصيام، جعل الله عز وجل هذا اليوم يوم عيد يفرحون فيه، ويفعلون فيه من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهار لهذا العيد، وشكر لله عز وجل بهذه النعمة، لكنهم لا يفرحون بأنهم تخلصوا من الصوم، وإنما يفرحون بأنهم تخلصوا بالصوم، والفرق أن من تخلص من الصوم، يعني أن الصوم ثقيل عليه، وأنه فرح أن تخلص منه. وأما من تخلص به فيفرح بأنه تخلص به من الذنوب؛ لأن «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٣٢)، و «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٣٣)، و «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ»، ولو ليلة واحدة من العشر إذا وفق لها «غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٣٤)، فالموفق يفرح بعيد الفطر؛ لأنه تخلص به من الذنوب، غفر له ما تقدم من ذنبه، والغافل يفرح بعيد الفطر لأنه تخلص من الصوم الذي يجد فيه العناء والمشقة، وفرق بين الفرحين.

أما عيد الأضحى فمناسبته أيضًا ظاهرة؛ لأنه يأتي بعد عشر ذي الحجة التي يسن للإنسان فيها الإكثار من ذكر الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ»، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» (٣٥)، فبعد هذه العشر الأوائل من شهر ذي الحجة التي العمل الصالح فيها بهذه المثابة شرع الله عز وجل لعباده هذا العيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>