للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم في كتاب الصلاة وهو قول قوي، القول بالوجوب قول قوي، وصدق رحمه الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وخرج فزعًا وقال: «إِنَّهَا تَخْوِيفٌ»، وخطب خطبة عظيمة، وعُرضت عليه الجنة والنار، وكل هذه القرائن العظيمة تُشعر بوجوبها؛ لأنها قرائن عظيمة، ولو قلنا: إنها ليست بواجبة، وأن الناس مع وجود الكسوف، ومع حصوله إذا تركوها مع هذا الأمر من النبي عليه الصلاة والسلام والتأكيد فلا إثم عليهم لكان في هذا شيء من النظر كيف تكون تخويفًا، ثم لا نبالي وكأنه أمر عادي؟ أين الخوف؟ التخويف يستدعي خوفًا، والخوف يستدعي امتثالًا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال ابن القيم: إن القول بالوجوب قول قوي.

أما الذين قالوا: إنها سنة فاستدلوا بالحديث المشهور في قصة الذي جاء يسأل عن الإسلام، وذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (١٥). وبأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن في آخر حياته في السنة العاشرة، وقال: «أَخْبِرْهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ» (١٦)، ولم يذكر سواها، قالوا: فهذا الحديث، بل هذان الحديثان وأمثالهما يدلان على أن الأمر بالصلاة في الكسوف؟

طالب: سُنَّة.

الشيخ: للاستحباب، وليس للوجوب، ولكن الذين قالوا بالوجوب، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلوات الخمس؛ لأنها اليومية التي تتكرر في كل زمان وفي كل مكان، أما صلاة الكسوف وتحية المسجد -على القول بالوجوب- وما أشبه ذلك فإنها تجب بأسبابها، وما وجب بسبب فإنه ليس كالواجب المطلق، قالوا: ولهذا لو نذر الإنسان أن يصلي ركعتين لوجب عليه أن يصلي مع أنها ليست من الصلوات الخمس، لكن وجبت بنذره بسبب، فما وجب بسبب ليس كالذي يجب مطلقًا، وهذا القول قوي جدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>