ولا أرى أن الناس يرون الكسوف في الشمس أو القمر، ثم لا يبالون به، كل في تجارته، كل في لهوه، كل في مزرعته، لا يهتمون به، هذا شيء يُخشى أن تنزل العقوبة التي أنذرنا الله إياها بهذا الكسوف، فالقول بالوجوب أقوى من القول بالاستحباب.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(جماعة وفرادى)
يعني تُسن جماعة وتُسن فرادى؛ أي أن الجماعة ليست شرطًا لها، بل يُسن للناس في البيوت أن يصلوها، ودليل ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا»(١٤)، فهذا عام، ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام (فصلوا في مساجدكم) مثلًا، فدل ذلك على أن يُؤمر بها حتى الفرد، ولكن لا شك أن اجتماع الناس أوْلى، بل الأفضل أن يصلوها في الجوامع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في مسجد واحد، ودعا الناس إليها؛ ولأن الكثرة في الغالب تكون أدعى للخشوع وحضور القلب؛ ولأنها أيضًا -الكثرة- أقرب إلى إجابة الدعاء، إذا دعا الناس في هذه الحال فهو أقرب إلى إجابة دعائهم، فهي تسن في المساجد وفي البيوت، لكن الأفضل في المساجد وفي الجوامع أفضل.
قال:(إذا كَسف أحد النَّيِّرين)(إذا) هذه ظرف متعلقة بتُسن؛ يعني تُسن إذا كسف أحد النيرين، أحد النيرين هما الشمس والقمر، فإذا كسف أحدهما تُسن هذه الصلاة، وإذا كسفا جميعًا؟
طلبة: لا يمكن.
الشيخ: لا يمكن، لكن لا يكسف إلا أحدهما.
يقول:(ركعتين) تسن إذا كسف أحد النيرين ركعتين هذه حال، وإن كانت اسمًا جامدًا، لكنها مؤولة بالمشتق؛ يعني تُسن حال كونها ركعتين.
(يقرأ في الأولى جهرًا بعد الفاتحة سورة طويلة، ثم يركع طويلًا، ثم يرفع ويُسمِّع ويُحمِّد، ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى، ثم يركع فيُطيل الركوع وهو دون الأول، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يصلي الثانية كالأولى) إلى آخره.
بيَّن المؤلف -رحمه الله- في هذه الجمل صفة صلاة الكسوف، فقال: إنها (ركعتين).