للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: ما مشى عليه المؤلف؛ أنه لا يصلى لأي آية تخويف إلا الزلزلة، وحجة هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت توجد في عهده الرياح العواصف والأمطار الكثيرة، وغير ذلك مما يكون مَخُوفًا ولم يُصلِّ.

وأما الزلزلة فدليلهم في ذلك أنه رُوي عن عبد الله بن عباس (١١)، وعن علي بن أبي طالب (١٢) رضي الله عنهما أنهما كانا يصليان للزلزلة، فتكون الحجة في الزلزلة هي فعل الصحابة، وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يُصلَّى إلا للشمس والقمر؛ لقوله: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا» (١)، ولا يُصلَّى لغيرهما من آيات التخويف.

وما يروى عن ابن عباس أو علي فإنه -إن صح- اجتهاد في مقابلة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة للأشياء الْمُخيفة.

وقال بعض العلماء -وهو القول الثالث-: يصلي لكل آية تخويف، واستدلوا بعموم العلة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ»، قالوا: فكل آية يكون فيها التخويف، فإنه يُصلَّى لها؛ ولأن الكربة التي تحصل في بعض الآيات أشد من الكربة التي تحصل في الكسوف؛ ولأن ما يُروى عن ابن عباس وعلي يدل على أنه لا يُقتصر في ذلك على الكسوف، وأن كل شيء فيه التخويف فإنه يُصلَّى له؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حَزَبَهُ أمر فزع إلى الصلاة (١٣)، يعني إذا كربه وأهمه، وإن كان هذا الحديث ضعيفًا، لكن هذا مقتضى قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ٤٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>