للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان على بيان المدة فلا إشكال فيه، يعني أن الجواز متعلق بهذه المدة، وإن كان منصبًّا على بيان الحكم فقد يكون فيه إشكال، وهو أن المسح على الخفين للابسهما سنة، ما نقول: إنه جائز. نقول: إنه سنة، وخلعهما ليغسل الرجل بدعة، خلاف السنة.

فإذا كان التعبير بالجواز منصبًّا على الحكم من حيث هو ففيه هذا الإشكال، ولكن يمكن أن يجاب عنه فيقال: إن المؤلف عبر بالجواز دفعًا لقول من يقول بالمنع، وهذا لا ينافي أن يكون مشروعًا.

والعلماء دائمًا يعبرون بمثل ذلك في مقابلة من يقول بالمنع، وإن كان الحكم عندهم ليس مقصورًا على الجواز، بل هو إما واجب أو مستحب.

ونضرب مثلًا لذلك غير هذا الذي نحن فيه، تعبير بعضهم حيث قال: ولمن أحرم بحج مفردًا ولم يسق الهدي أن يفسخه لعمرة ليكون متمتعًا، فالتعبير باللام الدالة على الجواز في مقابل من منع ذلك؛ لأن بعض أهل العلم يقول: لا يجوز فسخ الحج القارن أو المفرد إلى عمرة ليصير متمتعًا وإن هذا حرام، وهو من إبطال العمل. والبحث فيه إن شاء الله يأتي في محله. الكلام على أن العلماء قد يعبرون بلفظ الإباحة لدفع قول من يقول بالمنع.

قال: (يجوز لمقيم يومًا وليلةً ولمسافر ثلاثة أيام).

(لمقيم) كلمة (مقيم) تشمل المستوطن والمقيم؛ لأن الفقهاء رحمهم الله يرون أن الناس لهم ثلاث حالات: إقامة، واستيطان، وسفر. ويفرقون في أحكام هذه الأحوال. ولكن الصحيح كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه ما فيه إلا إما استيطان وإما سفر، وإن إقامة لا توجد لا في الكتاب ولا في السنة.

والإقامة عند الفقهاء: كل مسافر أقام إقامةً تمنع القصر فإنه يسمى مقيمًا، ولا يسمى مستوطنًا، يسمى مقيمًا، فلا تنعقد به الجمعة، ولا تجب عليه بنفسه، ولا يكون إمامًا فيها ولا خطيبًا، حتى لو سيقيم سنتين أو ثلاثة، فإنه لا تجب عليه الجمعة بنفسه، ولا يصح أن يكون إمامًا فيها ولا خطيبًا، والمستوطن اللي اتخذ هذا البلد وطنًا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>