قال:(وإنفاذ وصيته)، وإنفاذِ ولَّا وإنفاذُ؟ وإنفاذِ بالكسر عطفًا على (تجهيز)، يعني: وإسراع إنفاذ وصيته، أما إنفاذ وصيته فهو واجب، لكن إسراع الإِنفاذ فإنه يسن إسراع إنفاذ الوصية، إن كانت في واجب فلإسراع إبراء ذمته، وإن كانت في تطوع فلإسراع الأجر له، والوصية كما نعلم إما واجبة وإما تطوع.
قال أهل العلم: فينبغي أن تنفذ قبل أن يدفن، سبحان الله، إذا رأيت هذا الكلام ورأيت ما يفعله بعض الظلمة من الورثة الذين يؤخرون وفاء الدين عن الميت لمصالحهم الخاصة، تجد الميت عليه ديون ووراءه عقارات، فيقول: لا نبيعها؛ نوفيه من الأجرة ولو بعد عشر سنين، أو يقول: لا الأراضي مثلًا كسدت الآن كاسدة ننتظر حتى ترتفع قيمتها، وربما ترتفع، وربما تنزل، لكن والعياذ بالله هذا ظلم، وربما يكون هؤلاء الذين صنعوا ذلك ربما يكونون من ذرية الميت، فيكون فيه من العقوق ما لا يخفى على أحد؛ لأن الميت يتأثر بالدين الذي عليه إن صح الحديث:«نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ»(١٣)، فقد صح، وإن لم يصح فلا بد أن تتأثر النفس بهذا الدين الذي عليه، فالوصية بالواجب يجب المبادرة بإنفاذها، وبالتطوع يسن، لكن الإسراع بذلك، سواء أنها واجبة أو مستحبة قبل أن يصلى عليه ويدفن، هذا سنة.
(وإنفاذِ وصيته، ويجب الإسراع في قضاء دينه) يجب الإسراع في قضاء دينه، أي دين الميت، سواء كان هذا الدَّين لله أو للآدمي، فالدَّين لله مثل: الزكاة، والكفارة، والنذر، وما أشبه ذلك.
والدَّين للآدمي كالقرض، وثمن المبيع، والأجرة، وضمان تالف، وغير هذا من حقوق الآدميين، يجب الإسراع بها بحسب الإمكان، فتأخيرها حرام.
ما هو الدليل على وجوب الإسراع في قضاء الدين؟ الدليل أثري ونظري: