(ودفنه فرض كفاية)، دفن الميت أيضًا فرض كفاية؛ لأن الله تعالى امتن به على العباد، امتن بالدفن على العباد فقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦)} [المرسلات: ٢٥، ٢٦]، فكما أن علينا إيواء المضطر في البيوت، وستره فيها عند الضرورة، فكذلك علينا ستر الميت في قبره {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦)}.
وكذلك أيضًا قوله تعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}[عبس: ٢١]، فإن هذا سيق على سبيل المنة؛ لأن الله أكرمه بدفنه، ولم يجعله كسائر الجيف تلقى في المزابل وفي الأسواق وفي الأفنية، بل أكرمه يدفن ويستر.
إذن هذه الأربع كلها فرض كفاية، وسيأتي إن شاء الله بالتفصيل كيف التغسيل، وكيف التكفين، وكيف الصلاة، وكيف الدفن.
كل فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإن لم يوجد إلا هو صار في حقه فرض عين.
وقول المؤلف:(دفنه فرض كفاية)، ما يتوقف عليه الدفن فرض كفاية أيضًا، مثل حمله، وكذلك ما تتوقف الصلاة عليه فرض كفاية، فحمله من بيته إلى المصلى أيش؟
طلبة: فرض كفاية.
الشيخ: فرض كفاية، وحمله من المصلى إلى المقبرة فرض كفاية؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فإذا قال قائل: إذا كانت هذه الأشياء تحتاج إلى مال، فمن أين يؤخذ المال، الغسل يحتاج إلى مال، والكفن يحتاج إلى مال، والدفن يحتاج إلى مال، والحمل قد يحتاج إلى مال، فعلى من يكون؟
يكون أولًا في تركة الميت، ثم على من تلزمه نفقته، فإن لم يمكن فعلى عموم المسلمين؛ لأنه فرض كفاية.
قال المؤلف:(وأولى الناس بغسله وصيه) يعني: لو تنازع الناس من يغسل هذا الميت، قلنا: أولى الناس بغسله وصيه، يعني الذي أوصى أن يغسله.