وقال بعض العلماء: إن من تعذر غسله لا ييمم؛ وذلك لأن المقصود بالتيمم التعبد لله تعالى بتعفير الوجه واليدين بالتراب، وهذا لا يحتاجه الميت؛ إذ إن المقصود من تغسيل الميت التنظيف؛ بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في الرجل الذي وقصته ناقته:«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(٢٥)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم للنساء اللاتي يغسلن ابنته:«اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ»(٢٦)، وذلك بحسب ما يكون من نظافة جسد الميت أو عدم نظافته، فإذا كان نظيفًا فإنه لا يكرر إلا ثلاثًا، وإن كان غير نظيف فإنه يكرر بحسب ما يحتاج إليه.
لكن المؤلف رحمه الله يقول: إنه ييمم، كيف نيممه؟ يأتي رجل أو امرأة ويضرب التراب بيديه ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه، هذه صفة التيمم.
ثم قال المؤلف:(ويحرم أن يغسل مسلم كافرًا، أو يدفنه، بل يواريه لعدم من يواريه)، قال (يحرم أن يغسل مسلم كافرًا) ووجه التحريم: أن الله تعالى قال لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة: ٨٤] فإذا نهي عن الصلاة على الكافر، وهي أعظم ما يفعل بالميت وأنفع ما يكون للميت، فما دونها من باب أولى، ولأن الكافر نجس، وتطهيره لا يرفع نجاسته؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨]، ولمفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ»(٢٧)، فيحرم أن يغسله.
وكذلك يحرم أن يكفنه، والعلة ما سبق أنه إذا نهي عن الصلاة، وهي أعظم وأنفع ما يفعل في الميت فما دونها من باب أولى.