للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الشرح: (أو يتبع جَنَازته) أو يتبع جَنَازته أو جِنازته، يجوز الوجهان حسب ما سبق، يعني: لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازة الكافر؛ لأن تشييع الجنازة من إكرام الميت، والكافر ليس أهلًا للإكرام، بل يهان الكافر، قال الله تبارك وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩]، فدل هذا على أن غيظ الكفار مراد لله عز وجل، وقال تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢٠]، وتشييع الكافر إكرام له، وإكرام لذويه؛ ولهذا يحرم أن يتبع جنازته.

(أو يدفنه) نعم يحرم أن يدفنه لقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}، والمراد: يحرم أن يدفنه كدفن المسلم، ولهذا قال: (بل يوارى لعدم من يواريه)، ومعنى يوارَى: يغطَّى بالتراب، سواء حفرنا له حفرة ورمسناه بها رمسًا، أو ألقيناه على ظهر الأرض وردمنا عليه ترابًا، لكن الأول أحسن، أي أننا نحفر له حفرة ونرمسه فيها؛ لأننا لو وضعناه على ظهر الأرض وردمناه بالتراب فلربما تحمله الرياح، تحمل هذا التراب، ثم تتبين جثته.

وقوله: (بل يوارى لعدم) يشمل ما إذا وُوري بالتراب، أو إذا وُوري بقعر بئر، أو نحوها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بقتلى بدر من المشركين أن يلقوا في بئر من آبار بدر (٢٨) كما هو مشهور في السيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>