قال: بل يواريه لعدم، ما معنى (لعدم)؟ أي: لعدم من يواريه، فإن وجد من يقوم بهذا من أقاربه فإنه لا يحل للمسلم أن يساعدهم في هذا، بل يكل الأمر إليهم.
ثم قال:(وإذا أخذ في غسله ستر عورته)، من هنا ابتدأ المؤلف في كيفية تغسيل الميت.
فقال:(وإذا أخذ في غسله) لا يرضى النحويون بهذا التعبير من الفقهاء؛ أي بقولهم (وإذا أخذ في غسله) لأن (أخذ) هنا من أفعال الشروع، وأفعال الشروع لا بد أن يكون خبرها جملة فعلها مضارع، وعلى هذا تكون العبارة على قاعدة النحويين: وإذا أخذ يغسله، ولكن العبارة من الفقهاء ليس فيها خلل؛ لأن كل واحد يعرف أن معنى قوله:(وإذا أخذ في غسله) أي: إذا شرع في غسله.
وقوله:(في غسله) أي: في تغسيله.
(ستر عورته) وجوبًا، وهي بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك بالنسبة للمرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة، وعلى هذا فيجرد الميت من كل شيء إلا مما بين السرة والركبة، إن كان رجلًا فهو بالنسبة للرجال، وإن كانت امرأة فبالنسبة للنساء.
فقول المؤلف هنا:(عورته) يريد بها ما بين السرة والركبة.
قال:(وجرَّده) ومعنى جرَّده أي من ثيابه، فيستر عورته أولًا، يعني يلف عليها لفافة أولًا، ثم يجرده من ثيابه.
ودليل ذلك أثر ونظر؛ أما الأثر فقول الصحابة حين أرادوا تغسيل النبي صلّى الله عليه وسلّم: هل نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا (٨).
وأما النظر فلأن تجريده أبلغ في تطهيره، والمقام يقتضي التطهير، وكلما كان أكمل فيه فهو أفضل.