وإنما قيده ببلوغ أربعة أشهر؛ لأنه قبل ذلك ليس بإنسان؛ إذ لا يكون إنسانًا حتى يمضي عليه أربعة أشهر، ودليل ذلك حديث عبد الله بن مسعود حيث بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه يكون -يعني الجنين- في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، فهذه كم؟ أربعة أشهر، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات (٥)، إلى آخره.
وعلى هذا فهو قبل هذه المدة يكون جمادًا؛ قطعة لحم يدفن في أي مكان بدون تغسيل، وبدون تكفين، وبدون صلاة، لكن بعد أربعة أشهر يكون إنسانًا، كما قال تعالى:{ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}[المؤمنون: ١٤]، فيعامل معاملة من مات بعد خروجه.
قال العلماء: ويسمى؛ يسمى بالاسم؛ لأن هذا السقط يبعث يوم القيامة، فلا بد أن يسمى؛ لأن الناس يدعون يوم القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم، فيسمى حتى يدعى باسمه يوم القيامة.
قال العلماء: فإن شُك فيه هل هو ذكر أو أنثى -وهو بعيد، لكن ربما يقع- فإنه يسمى باسم صالح للذكر والأنثى؛ مثل هبة الله، عطية الله، نحلة الله، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا صالح للذكر والأنثى. أما إذا كان ذكرًا فيسمى باسم الذكور؛ كعبد لله، إن كان أنثى يسمى بأسماء الإناث؛ كزينب، وفاطمة.
(ومن تعذر غسله يُمِّمَ) يعني: من امتنع غسله؛ أي: تغسيله، فإنه ييمم. وكيفية التيمم أن يضرب الحيُّ يديه على الأرض، ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه.
ولكن بماذا يكون التعذر؟ يكون التعذر؛ إما بعدم الماء، وإما بتعذر استعماله في هذا الميت؛ بأن يكون الميت قد تمزق، أو يكون محترقًا لا يمكن مسه إلا بتمزيق جلده، فهنا ييمم.