للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول صاحب تفسير الجلالين في قوله تعالى في سورة المائدة: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٢٠]، يقول: (خَصَّ العقلُ ذاتَه، فليس عليها بقادر)، هذا القول منكَر، وذلك لأن قوله: خَصَّ العقلُ ذاتَه، أين العقل الذي خص ذاته بأنه ليس قادرًا عليه، أليس الله يفعل ما يريد؟ بلى، يفعل ما يريد، والفاعل لما يريد يفعل بنفسه، فهو قادر على أن يفعل ما شاء وأن يدع ما شاء.

نعم، الشيء الذي لا يليق بجلاله عز وجل لا يمكن أن يكون متعلّق القدرة؛ لأن أصل القدرة لا تتعلق به، كما لو قال قائل: هل يقدر الله على أن يخلق مثله؟ نقول: هذا مستحيل؛ لأن المثلية ممتنعة، لو لم يكن من انتقاء المماثلة إلا أن الثاني مخلوق والأول خالق، الأول واجب الوجوب، والثاني ممكن الوجوب، لو لم يكن إلا هذا الفرق لكان كافيًا، مع أنه مستحيل.

ويذكر أن جنود الشيطان جاؤوا إليه، استمع للقصة هذه غريبة، جاؤوا إليه فقالوا له: يا سيدنا، نراك تفرح بموت الواحد من العلماء، ولا تفرح بموت آلاف العُبَّاد، كيف هذا، العابد الذي يعبد الله ليلًا ونهارًا، يسبِّح ويهلِّل، ويصوم ويتصدق، لا تفرح بالأَلْف فرحك بالواحد من العلماء؟ !

قال: نعم، أنا أدلكم على هذا، فذهب إلى عابد وقال له: يا أيها الشيخ، هل يقدر الله أن يجعل السماوات في جوف بيضة، السماوات كلها الكبرى في جوف بيضة، فقال العابد: لا، ما يصير! قال: احبسوها عندكم، قيِّدُوها، غلطة كبيرة، وذهب إلى العالم وقال له: هل يقدر الله على أن يجعل السماوات في بيضة؟ قال: نعم. قال: كيف؟ قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، إذا قال للسماوات: كونوا في جوف بيضة، كانت. فقال: انظروا الفرق بين هذا وهذا.

فالمهم أنه يجب أن نطلِق، نقول: إن الله على كل شيء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>