للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يُرْوَى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يكبِّر في أول تكبيرة ثم لا يعود (١٨)، فهذا إن صح فلعلَّه في بعض الأحيان، والمعنى مناسب للرفع في كل تكبيرة؛ لأن كل تكبيرة تعتبر ركعة مستقلة، كالركعات في صلاة الفريضة والنافلة، فكان الأنسب والأقوم أن يجتمع في هذا الانتقال من تكبيرة إلى أخرى أن يجتمع الفعل والقول، كما اجتمع الفعل والقول في الانتقال في الصلوات الأخرى.

وقوله: (مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)، مر علينا في كتاب الصلاة أنه إن شاء ابتدأ الرفع مع ابتداء التكبير، وإن شاء إذا كبَّر رَفَع، وإن شاء رَفَع ثم كَبَّر، كل ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال المؤلف: (وَوَاجِبُهَا قِيَامٌ)، (وواجبها) يعني: ما يجب فيها، وليس المراد الواجب الاصطلاحي الذي هو قسيم الركن أو الشرط، بل المراد بالواجب هنا أي ما يجب فيها، كما قلنا في قراءة الفاتحة: واجبة في الصلاة.

فقوله: (واجبها) ليس ضد، أو ليس قسيم أركانها؛ لأن هذا الذي ذكره المؤلف أركان قيام، لكن القيام واجب فيما كان فريضة منها، وعلى هذا فإذا أعيدت صلاة الجنازة مرة ثانية كان القيام في المرة الثانية سُنَّة وليس بواجب؛ لأن الصلاة المعادة ليست فريضة.

(وَوَاجِبُهَا قِيَامٌ، وَتَكْبِيرَاتٌ أَرْبَعٌ) تكبيرات أربع، أي: واجبة، ولكنها في الحقيقة أركان؛ لأن كل تكبيرة منها كالركعة.

وقوله: (أربعٌ) بالتنوين ولَّا بغير التنوين؟ يجوز الوجهان، أربعُ أو أربعٌ، وقوله: (أربع) يعني: ألَّا تقل عن أربع، وله الزيادة إلى خمس، وإلى ست، وإلى سبع، وإلى ثمانٍ، وإلى تسع، كل هذا وارد، لكن الثابت في صحيح مسلم (١٩) إِلَى خَمْسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>