للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: فلا يُصَلَّى عليه، وهذا القول الأخير هو الصحيح؛ لأنها تؤيده الأدلة، ويليه قول مفصَّل، وأبعد من ذلك القول المطلق الذي يقول: صلِّ على كل غائب، حتى إن بعض العلماء -رحمة الله علينا وعليهم- صار كلما أراد أن ينام صلى صلاة جنازة على من مات من المسلمين اليوم، أين هذه السنة؟ !

وهل تقيد الصلاة بشهر؟ نقول فيها ما قلنا في الصلاة على القبر.

***

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ولا يصلي الإمام على الغال) من الإمام؟

إذا أطلق الفقهاء (الإمام) فالمراد به الإمام الأعظم؛ أي: رئيس الدولة لا يصلي على الغال.

وقوله: (الغال) الغال: هو من كتم شيئًا مما غنمه في الجهاد؛ مثل أن يكون رجل مع المجاهدين غنم شيئًا من المجاهدين وكتمه، يريد أن يختص به لنفسه، فهذا قد فعل إثمًا عظيمًا، والعياذ بالله، وأتى كبيرة من كبائر الذنوب، {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١]، سوف يأتي بما غَلَّه حاملًا إياه على رقبته يوم القيامة، خزي وعار وفضيحة، ولما كانت المسألة كبيرة ومتعلقة بعموم المسلمين امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي على الغال؛ نكالًا لمن يأتي بعده.

ولكن هل تسقط الصلاة عليه عن بقية المسلمين؟

الجواب: لا، لا تسقط الصلاة عن بقية المسلمين، يجب على بقية المسلمين أن يصلوا عليه، ودليل ذلك ما روى زيد بن خالد، قال: توفي رجل من جهينة يوم خيبر، فذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فتغيرت وجوه القوم، فلما رأى ما بهم قال: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزًا من خرز اليهود لا يساوي درهمين -أعوذ بالله- ولم يُصَلِّ عليه (١٣)، ولكن الصلاة عليه باعتبار عموم المسلمين واجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>