للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: نَهْي النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبْنَى على القبر، ولأنه وسيلة إلى الشرك، أحسنت، الوطء على القبر حكمه؟

طالب: حرام يا شيخ.

الشيخ: وعلى كلام المؤلف؟

الطالب: ( ... ).

الشيخ: مكروه، والصحيح التحريم ولَّا الكراهة؟

طالب: لأنه إذا كان نهى عن الجلوس فوقها فالوطء من باب أولى.

الشيخ: لا، هو نهى عن الوطء، ما هو قياس، والأصل في النهي التحريم، ولأن فيه امتهانًا لصاحب القبر.

***

قال: (وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ)، يعني أن يتكئ على القبر فيجعله كالوسادة له؛ لأن في هذا امتهانًا للقبر.

وانظر كيف نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُجَصَّ القبر، وأن يُبْنَى عليه، وأن يُكتَبَ عليه، وأن يُوطَأ، حيث جمع في هذا النهي بين ما يكون سببًا للغلو فيه وسببًا لامتهانه، الغلو في أي شيء؟ في البناء والتجصيص والكتابة، والامتهان في الوطء، من أجل أن يعامل الناس القبور معاملة وسط، لا غلو ولا تفريط.

قال المؤلف: (ويَحْرُم فيه دفنُ اثنين فأكثر إلا لضرورة)، (يحرُم فيه) أي في القبر، دفنُ اثنين فأكثر، سواء كانَا رجلين أم امرأتين، أم رجلًا وامرأة فإنه يحرُم، والدليل عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا، أن الإنسان يُدْفَن وحده في قبره.

ولا فرق بين أن يكون الدفن في آنٍ واحد بأن يؤتى بجنازتين وتُدْفَنَا في القبر، أو أن تدفن إحدى الجنازتين اليوم والثانية غدًا، كل هذا حرام على كلام المؤلف إلا للضرورة، وذلك بأن يكثُر الموتى ويقل مَن يدفنهم، ففي هذه الحال لا بأس أن يُدفَن الرجلان والثلاثة في قبر واحد.

ودليل ذلك ما صنعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شهداء أُحُد، حيث جعلوا يدفنون الرجلين والثلاثة في قبر واحد، ويقول: «انْظُرُوا أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا» (١)، فيقدِّمُهُ في اللحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>