للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنها لا تجب إلا بشروط، ومن حكمة الله عز وجل وإتقانه في فرضه وشرائعه، أنه جعل لها شروطًا؛ يعني أوصافًا معينة لا تجب إلا بوجودها؛ لتكون الشرائع منضبطة، لا فوضى؛ إذ لو لم يكن هناك شروط لكان كل واحد يُقدِّر أن هذا واجب، وهذا غير واجب، فإذا أُتقنت الفرائض بالشروط، وحُدِّدت لم يبقَ هناك فوضى، صار الناس على عِلم وبصيرة، متى وُجدت الشروط في شيء ثبت، ومتى انتفت انتفى.

ثم إن هناك موانع أيضًا تمنع وجوب الزكاة مع وجود الشروط؛ لأن جميع الأشياء لا تتم إلا بشروطها وانتفاء موانعها، وسيأتي إن شاء الله بيان الموانع، وما اختلف فيه وما اتفق عليه.

يقول: (تجب بشروط خمسة: حريةٌ، وإسلامٌ، ومِلكُ النصاب، واستقرارُه، ومُضِيُّ الحول، هذه شروط خمسة):

الأول: الحرية، وضدها الرِّق، فلا تجب الزكاة على رقيق؛ أي على عبد؛ وذلك لأنه لا يملك، فالمال الذي بيده لسيده.

ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (١١).

قال: «مَالُهُ» يعني الذي بيده «لِلَّذِي بَاعَهُ» لا له، فيكون بمنزلة الفقير الذي ليس عنده مال، والفقير لا تجب عليه بالاتفاق.

الثاني: إسلام، وضده الكفر؛ فلا تجب على كافر، سواء كان مرتدًّا أم أصليًّا؛ لأن الزكاة طهرة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: ١٠٣]، والكافر نجس، لو طُهِّر بماء البحر، وبملء الأرض ذهبًا لم يطهُر حتى يتوب من كفره، وإذا قلنا: إن الكافر لا تجب عليه الزكاة، فلا يعني ذلك أنه لا يُحاسب عليها، بل يحاسب يوم القيامة، لكنها لا تجب عليه؛ بمعنى أننا لا نلزمه بها حتى يسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>