للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن القول الثاني في المسألة أن ما كان على فقير أو مليء لا تمكنه مطالبته، أو نحو ذلك؛ فإنه لا زكاة فيه إلا إذا قبضه، وإذا قبضه، فهل يبتدئ به حولًا، أو لا يبتدئ به حولًا، في هذا خلاف، فمن العلماء من قال: يستأنف الحول، يبتدئ حولًا من جديد، حتى لو فُرض أنك أعطيت هذا المدين أعطيته الدين في آخر شهر من السنة؛ يعني لم يبقَ على زكاتك إلا شهر واحد، ثم أعطيت هذا الفقير، بعت عليه شيئًا وبقي دين في ذمته، يقول: لا زكاة عليه، استأنِف الحول، مع أنه مضى من سنتك كم؟

الطلبة: اثنا عشر.

الشيخ: أحد عشر شهرًا، مثال ذلك: رجل تاجر يبيع ويشتري، وكان يُزكِّي ماله في رمضان، فجاءه فقير في شعبان، فباع عليه سلعة بألف درهم، وبقيت الألف في ذمة الفقير لمدة عشر سنوات. القول الصحيح أنه لا زكاة فيها هذه المدة، لكن إذا قبضها، فهل يستأنف حولًا جديدًا ونقول: لا زكاة عليك في هذا الألف حتى يتم عليك سنة، أو يزكيه سنة القبض؟

في هذا خلاف، مع أنه لم يبقَ عليه إلا لسنته التي دين فيها الفقير إلا سنة، يقول: ويستأنف شهرًا إلا شهرًا.

يقول: إنه يستأنف حولًا، ولكن الصحيح القول الثاني في المسألة، أنه يزكيه لما مضى سنة واحدة، وذكره في حاشية العنقري عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأحفاده، أنه يُزكَّى سنة، وهذا مذهب مالك، وهو أحوط؛ لأنه أشبه ما يكون بالثمرة، الثمرة إذا حصلتها تزكيها حين حصولها، وكذلك أشبه ما يكون بالأجرة، التي اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن الزكاة واجبة فيها من حين القبض، ولو لم يتم عليه الحول؛ لأنها من جنس الثمار، تجب الزكاة فيها حين حصولها؛ ولأن من شرط وجوب الزكاة: القدرة على الأداء، فمتى قدر على الأداء زكَّى، وهذا الذي نرى أنه أقرب إلى الصواب أن يزكيها حين قَبْضِها لسنة واحدة فقط، لو بقيت عشر سنوات لا زكاة عليه فيها، ووجه ما ذكرنا أن هذا أشبه ما يكون بالثمرة والأجرة، فهذا أقوال العلماء في الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>