أولًا: الدليل؛ الدليل: حديث صاحب الشجة على القول بأنه حديث تثبت به الحجة، وأنه حسن، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا»(٩)، وهذا في الجنابَة؛ لأن الرجل أجنب.
والتعليل: هو أن المسْح على الجبيرة من باب الضرورة؛ والضرورة لا فرْق فيها بين الحدَث الأصغر والأكبر، بخلاف المسح على الخفين فهو رُخصة.
والجبيرة ضعيفة، ولكن يُجبر بعضها بعضًا؛ وهي جبيرة أدلتها مجبورة؛ يجبر بعضها بعضًا، ثم إنها يمكن أن نقيسها ولو من بعيد على المسح على الخفين، فنقول: إن هذا عضو مستور بما يجوز لبسه شرعًا فيكون فرضه المسح، ولكن هذا القياس فيه شيء من الضعف؛ لأن المسْح على الخفين رُخصة مُؤقّت، وهذه عزيمة وغير مؤقّت.
والمسْح على الخفين يكون في الحدث الأصغر، وهذا في الأصغر والأكبر، والمسح على الخفين يكون على أكثر ظاهر القدم، وهذه يكون على جميعها، ففي القياس شيء من النظر، لكن من حيث الأصل، وهو أن هذا العضو الواجب غسله سُتِر بما يسوغ ستره به شرعًا، فجاز المسْح عليه كالخفين؛ ولأن المسح ورد التعبد به من حيث الجملة، فإذا عجزنا عن الغسل انتقلنا إليه كمرحلة أخرى، وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا مسح على الجبيرة؛ لأن أحاديثها ضعيفة، ولم يرَ أن ينجبر بعضها ببعض، ولم يرَ القياس كابن حزم -رحمه الله- فإن ابن حزم لا يرى المسح عليها.
ثم اختلف القائلون بأنه لا يجوز المسح، هل يسقط الغسل إلى غير بدل، أو يسقط إلى بدل، وهو التيمم بأن يتوضأ ويغسل ما أمكنه غسله من أعضاء الطهارة، ويتيمم عن الموضع الذي فيه الجبيرة ( ... ).