الشيخ: نعم، أنه كان يقول: إن هذا شهر زكاة أموالكم، فمن كان عليه دين فليؤده، ثم ليُزكِّ (١)، وهذا أحد الأقوال في المسألة.
القول الثاني: أنه لا أثر للدين في منع الزكاة، وأن من كان عنده نصاب فليُزكِّه، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، أو يستغرق النصاب، أو يزيد على النصاب، واستدل هؤلاء بالعمومات الدالة على وجوب الزكاة في كل ما بلغ نصابًا.
مثل: حديث أنس بن مالك في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر: وفي الرِّقَة في كل مئتي درهم ربع العشر؛ الرقة هي الفضة. وكذلك ذكر في سائمة بهيمة الأنعام في كل خمس من الإبل شاة، وفي كل أربعين شاةً شاةٌ (٢) وهكذا.
واستدلوا أيضًا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث العمال الذين يقبضون الزكاة من أهل المواشي، ومن أهل الثمار، ولا يأمرهم بالاستفصال (٣)، هل عليهم دين أم لا؟ مع أن الغالب أن أهل الثمار عليهم ديون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن من عادتهم أنهم يُسلِفون في الثمار السنة والسنتين، فيكون على صاحب البستان دين سَلَم، ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يخرص عليهم ثمارهم، ويزكونها.
واستدلوا بدليل ثالث أن الزكاة تجب في المال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، وبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاذًا إلى اليمن، وقال:«أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(٤).
والدَّيْن يجب في الذمة، ما هو في المال؛ ولذلك لو تلف المال الذي بيده كله لم يسقط عنه شيء من الدين، لو استقرض مالًا واشترى به سلعًا للبيع والشراء والاتجار، ثم هلك المال، هل يسقط الدين؟
طلبة: يسقط.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: لأنه يتعلق بالذمة.
الشيخ: لأنه يتعلق بالذمة، والزكاة تجب في عين المال، فالجهة منفكة، وحينئذٍ لا يحصل تصادم أو تعارض.