فإن قال قائل: كيف يمكن هذا أن يكون الإنسان مزكٍّ مزكًّا عليه؟
قلنا: هذا ليس فيه غرابة، لو كان عند الإنسان نصاب أو نصابان لا يكفيانه للمؤونة، لكنهما يبقيان عنده إلى الحول، فهنا نقول: نعطيه للمؤونة ونأمره بالزكاة، ولا تناقض.
هذان قولان متقابلان؛ القول الأول: لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب ولو كان لا يحل إلا بعد عشرين سنة، وبناء على ذلك يمكن أن نقول: كل من عليه دين لصندوق التنمية العقاري.
طالب: ليس فيها زكاة.
الشيخ: لا زكاة عليه، ولو كان عنده خمسون ألفًا، ما دام عليه مئة ألف ما عليه زكاة، وهذه مشكلة.
القول الثاني: عكس هذا؛ أن الزكاة واجبة ولو كان عليه دين يستغرق، وذكرنا الأدلة على ذلك، وأجبنا عن أدلة القائلين بسقوط الزكاة.
القول الثالث -قول وسط يقول-: الأموال الظاهرة تجب فيها الزكاة، ولو كان عليه دَيْن ينقص النصاب، والأموال الباطنة لا تجب فيها الزكاة إذا كان عليه دَيْن ينقص النصاب.
الأموال الظاهرة ما هي؟ الحبوب، والثمار، والمواشي، هذه أموال ظاهرة.
والأموال الباطنة: الذهب، والفضة، والعروض؛ هؤلاء قالوا: إن لدينا دليلًا وهو:
أولًا: العمومات «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ»(٦) عام.
ثانيًا: أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبعث العمال لقبض الزكاة من الأموال الظاهرة دون أن يأمرهم بالاستفصال، مع أن الغالب على أهل الثمار، الغالب عليهم أن تكون عليهم ديون.
ثالثًا: أن الأموال الظاهرة تتعلق بها أطماع الفقراء؛ لأنهم يشاهدونها، فإذا لم يؤدِّ زكاتها بحجة أن عليه دينًا، والدين من الأمور الباطنة؛ لأن المدِين ليس يكتب على سيارته، وعلى ظاهر بيته أنه مدِين، فهو من الأمور الباطنة، فإذا رأى الناس أنه لم يؤدِّ الزكاة عن هذه الأموال الظاهرة، فإن ذلك فيه إساءة ظن به، وفيه إيغار للصدور، صدور من؟