والأول الذي يفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي؛ فلنا شيخان في هذه المسألة؛ شيخ يقول بالتفريق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة، وشيخ يقول: لا فرق، كلها لا يمنعها الدين، لا يمنع الزكاة وجوب الدين ولو كان ينقص النصاب، وهذا القول الأخير هو الذي أنا أرجحه، وأرى أنه أحوط وأبرأ للذمة، والحمد لله.
«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»(٧) من يقوله؟
طلبة: الرسول عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: المعصوم عليه الصلاة والسلام، «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»، وكم من إنسان يوقي ماله ما أوجب الله عليه، ثم يبتليه الله بشيء ينفد ماله، كذا؟
كم من إنسان يمنع الزكاة، ثم تأتيه آفات في ماله؛ احتراق، وهي أمراض تعتريها وتعتري أهله تستنفد أموالًا كثيرة، وكم من إنسان يُبتلى ويبقى المال عنده مع قصوره في الواجب، ولكنه يكون من باب البلوى، إذن فالأقوال في الدَّيْن الذي على الإنسان إذا كان يمنع الزكاة ثلاثة؛ الأول: من يعرف؟
طالب: ظاهرًا وباطنًا.
الشيخ: أنه يمنع الزكاة في المال الظاهر والباطن، طيب الثاني؟
طالب: لا يمنع الزكاة لا في الظاهر ولا في الباطن.
الشيخ: أنه لا يمنع الزكاة لا في الظاهر ولا في الباطن، أنه لا يمنعها في الأموال الظاهرة ويمنعها في الأموال الباطنة، وعرفتم دليل كل قول وتعليله، وعرفتم الراجح في هذه المسألة.
يقول رحمه الله:(ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب) وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون الدين من جنس ما عنده، أو من غير جنسه، فإذا كان عليه دين من الذهب، وعنده فضة فلا زكاة فيها، دين من الفضة، وعنده مواشٍ، فلا زكاة فيها، كل هذا على كلام المؤلف.
ثم قال:(ولو كان المال ظاهرًا)(لو) هذه إشارة خلاف، وانتبهوا لعادة المصنفين -رحمهم الله- إذا جاؤوا بـ (لو) فالغالب أن الخلاف قوي، وإذا جاؤوا بـ (حتى) فالغالب أن الخلاف ضعيف، لكن فيه خلاف.