إذا جاؤوا بالنفي فقالوا مثلًا: ولا يشترط كذا وكذا، فهذا إشارة إلى أن فيه خلافًا قد يكون ضعيفًا، وقد يكون قويًّا، لكنهم لا يمكن أن يأتوا بمثل هذه العبارة:(ولا يشترط) إلا وفيه خلاف بالاشتراط؛ لأنه لو لم يكن خلاف لا حاجة إلى نفيه؛ لأن عدم ذكره يعني نفيه، ما يقال: يُشترط في الزكاة خمسة شروط ولا يشترط كذا، مع أن بعض العلماء ذكر أن هذا من الشروط، وإلا فلا حاجة لنفيه؛ لأن عدم ذِكْره في الشروط نفي لكونه شرطًا، فأنت إذا رأيت في كلام العلماء بعدما يذكرون الشروط أو الواجبات، ثم يقولون: ولا يشترط كذا، أو ولا يجب كذا، فاعلم أن في المسألة خلافًا.
(ولو كان المال ظاهرًا وكَفَّارَةٌ كَدَيْنٍ)(كفارة كدين) أيش لونه؟ يعني لو وجب على الإنسان كفَّارة تنقص النصاب، فلا زكاة عليه فيما عنده؛ لأن الزكاة كالدَّيْن بل هي دين، لكن الدائن فيها هو الله عز وجل، مثال ذلك: رجل عنده ثلاث مئة صاع، ثلاث مئة صاع كم؟ نصاب ولَّا لا؟ أنا أقول لكم الآن: ثلاث مئة صاع نصاب من الحبوب نصاب، فرجل عنده ثلاث مئة صاعٍ من الحبوب عليه زكاة، لكن عليه إطعام ستين مسكينًا، ستين مسكينًا يلزم ثلاثون صاعًا، إذا قلنا: كل صاع على اثنين، معناه نقص النصاب ولَّا لا؟
طالب: نقص.
الشيخ: فليس عليه زكاة في ثلاث مئة صاع، ليش؟
طالب: لأنه عليه كفارة.
الشيخ: لأن عليه كفارة تنقص النصاب.
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الكفارة وهي حق لله كدَيْن الآدمي؟
الدليل -قلنا- أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أمها نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، فقال لها:«أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ ». قالت: نعم. قال:«اقْضُوا اللَّهَ؛ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ»(٨). فجعل حق الله كحق الآدمي، جعله دينًا يُقضى.
طالب:( ... ) المال فلا زكاة عليه وإلا فليُزكِّ قال: سوف أقدمه.