ثانيًا: هل هذا في حق من تركها بخلًا حتى مات، أو من كان يقول: كل يوم أخرجها، ولكن عجله الأجل؟ المذهب العموم، والصحيح الثاني، وأن من كان منعها بخلًا فإنها لا تبرأ ذمته ولو أخرجها الورثة من بعده؛ لأن الرجل مُصمِّم على عدم إخراج الزكاة فكيف ينفعه عمل غيره؟ لكن بالنسبة لحق أهل الزكاة ينبغي أن تخرج لسبق حقهم على حق الورثة، ولأن حقهم حق آدمي، فلا ينبغي أن نُسقطه بظلم مَنْ عليه الحق؛ لأن المزكي الذي منع الزكاة هو الظالم، فكيف نسقطها عنه؟ والورثة نقول لهم: إن حقكم لا يرد إلى بعد إخراج الواجب السابق، والزكاة سابقة على حقكم.
ثم قال المؤلف رحمه الله .. قوله:(والزكاة كدَيْن في التركة) لو اجتمع دَيْن وزكاة، أيهما يقدم؟
طلبة: الدين.
طلبة آخرون: الزكاة، الله أعلم.
الشيخ: الآن اختلفتم على قولين: أحدهما: أن يقدم الدين، والثاني: أن تقدم الزكاة، مثاله: رجل خلَّف مئة ريال، وعليه زكاة مئة ريال، وعليه دين لآدمي مئة ريال، فهل نُقدِّم حق الآدمي، أو الذي له الدين، أو نقدم الزكاة؟
طلبة: في قول ثالث؟
الشيخ: قولان.
طلبة: القول الثالث.
الشيخ: فيه قول ثالث؟
طالب: لازم لأنها للمشاحة.
الشيخ: على كل حال، الآدمي، رجعت عن قولك، إي طيب.
يقول بعض العلماء: يقدم دين الآدمي؛ لأنه مبني على المشاحة؛ ولأن الآدمي محتاج لدفع حقه إليه في الدنيا، أما حق الله فالله غني عنه، وهو مبني، حقه سبحانه وتعالى مبني على المسامحة.
وقال بعض العلماء: يقدم حق الله؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ»(٤).
وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: إنهما يتحاصان؛ فإذا كان عليه دَين مئة وزكاة مئة، ولم يخلف إلا مئة فللزكاة خمسون، وللدَّيْن خمسون، وهذا أصح؛ أنهما يتحاصان.