الطالب: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ الزكاة ولم يكن يستفصل، هل عليكم دَيْن أم لا؟
الشيخ: تمام، هؤلاء استدلوا بأثر ونظر، الأثر قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبعث السعاة لأهل الأموال، ويأخذون الزكاة من الثمار ومن المواشي، ولا يستفصلون (١٠) مع أن الغالب أن أصحاب الثمار في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم أيش؟
طلبة: يسلفون.
الشيخ: مدينون؛ لأن الناس كانوا يسلفون في الثمار السنة والسنتين، هذا أثر، والنظر قالوا: لأن المال الظاهر تتعلق فيه أطماع الفقراء، فإذا لم تؤدَّ الزكاة منه فإنهم سوف يجدون في نفوسهم حاجة على الأغنياء.
والذين قالوا بالوجوب مطلقًا ما حجتهم؟
طالب: الاستدلال قالوا: إن الزكاة المقصود منها هو التعبد لله سبحانه وتعالى، وغلبوا جانب التعبد على جانب المواساة.
الشيخ: هذا تعليل، فيه دليل أثري؟
الطالب: عموم الأحاديث.
الشيخ: عموم النصوص الموجبة للزكاة بدون تفصيل. ونحن لدينا قاعدة مهمة: أن أي أحد يضع مانعًا من دلالة النصوص فإنه يحتاج إلى دليل، والعمومات تبقى على عمومها إلا بدليل، والمطلقات تبقى على إطلاقها إلا بدليل، وهذه قاعدة تفيدك؛ لأنك أنت مخاطب يوم القيامة عند الله بما ظهر من النص.
أما الأظهر عندنا الوجوب مطلقًا لظواهر الأدلة، وهي في المال الظاهر قوية جدًّا، والتعليل بأن الزكاة مواساة تعليل فيه نظر، والصواب أن الزكاة عبادة من أجل العبادات، وأنه ينبغي لمؤدي الزكاة ألا يلحظ مجرد منفعة الفقير، بل أن يلحظ التعبد لله عز وجل بإخراج ما يحب فيما يحبه الله عز وجل.
أما أثر عثمان رضي الله عنه، فإنه رضي الله عنه أمر بإخراج الديون قبل أن يأتي شهر الزكاة من أجل أن يبقى الإنسان فارغ الذمة، وليس المعنى أنه يريد أنه إذا جاء وقت الزكاة وعليكم الديون فلا زكاة عليكم فيها، هذا ليس في الأثر ما يدل عليه.