فهنا (يباح): من الذي يبيح ويحرم؟ الله عز وجل، إذن أباح الله له (للذكر من الفضة الخاتم)، (الخاتم) لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من وَرِق (٣). أي: من فضة، ومعلوم أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة، ولا يقول قائل: إن هذا خاص به؛ لأن الأصل عدم الخصوصية، فمن ادعى الخصوصية في شيء فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعليه الدليل. إذن يباح له الخاتم.
وظاهر كلام المؤلف: سواء اتخذ الخاتم لحاجة، أو لتقليد، أو لزينة؛ لإطلاقه.
أما الذي يتخذه لحاجة: فكمن له شأن في الأمة، كالحاكم، والأمير، والوزير، والمدير، وما أشبه ذلك الذي يحتاج الناس إلى ختمه، فهذا اتخذه لحاجة؛ لأن بقاءه في أصبعه أحفظ من جعله في جيبه؛ لأن جعله في جيبه ربما يسقط أو يسرق، بخلاف ما إذا كان في الأصبع، وأما الذي اتخذه تقليدًا فكما يفعل كثير من الناس الآن؛ يتخذ صاحبه خاتمًا فيوافقه في ذلك تقليدًا، ولا يريد الزينة، ولكن جرت عادة أهل بلده باتخاذ الخاتم فاتخذه.
وأما الذي يتخذه زينة فمعروف، يريد أن يتزين به، ولهذا يختار أحسن الفضة لونًا ولمعانًا وشكلاً، فهذا للزينة.
فظاهر كلام المؤلف أنه جائز على كل الصور الثلاثة: الحاجة، والعادة، والزينة.
وقال بعض العلماء: إنه للزينة لا يحل؛ لأن الله جعل التحلي بالزينة للنساء فقال:{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}[الزخرف ١٨]، وما كان من خصائص النساء فإنه لا يجوز للرجال. ولكن القول الراجح العموم، أنه جائز للحاجة، والعادة، والزينة. هذا الصحيح، بل إنه لا يوجد نص صحيح في تحريم لباس الفضة على الرجال، لا خاتم ولا غيره، ما فيه حديث، لا يوجد نص يدل على تحريم الفضة للرجال، بل جاء في السنن:«وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا»(٤). يعني اصنعوا ما شئتم.