والأصوليون -كما تعرفون- مختلفون في هذا؛ منهم من يقول: إن الأمر الأصل فيه أنه للندب؛ لأن الأمر به تحقق أنه عبادة مطلوبة، والأصل براءة الذمة وعدم الإثم، وكذلك يقال في النهي، ومنهم من فصَّل بين الأمور التعبدية والأمور الإرشادية التوجيهية الأخلاقية، فقال: الأول الأصل الوجوب، والثاني الأصل الاستحباب.
على كل حال، أنا إلى ساعتي هذه ما وجدت ضابطًا تنضبط به جميع الأوامر أو جميع النواهي؛ لأنه يخرج عن الأوامر أشياء كثيرة غير واجبة بالاتفاق، وأشياء كثيرة في النواهي غير محرمة بالاتفاق؛ فلذلك الإنسان في هذه المسألة ما يستطيع أنه يبني قاعدة يمشي عليها أبدًا.
أما ما خالف الإجماع لا شك؛ يعني مثلًا لو جاء أمر وأجمع العلماء على أنه للاستحباب، هذا واضح يكون قيده الإجماع، وكذلك في النهي، لكن إذا كانت المسألة خلافية أو لا يعلم قائل مخالف ..
طالب: حفظكم الله يا شيخ، كيف تحصيل الفهم؟ أنت قلت: الفهمَ الفهمَ، كيف الواحد يحصل الفهم؟
الشيخ: الله المستعان، واللهِ يا أخي مشكلة، الفهم أولًا قسمان؛ غريزي وكسبي، الغريزي ما جعله الله في الإنسان، والناس يختلفون في هذا اختلافًا عظيمًا، فمثلًا علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أفهم الناس، حتى إنه يذكر عن عمر ويذكره النحويون، ما أدري عدلوا إسناده ولَّا لا؟ يقولون: قضية ولا أبا حسن لها، في (لا) النافية للجنس، وهو معروف بالذكاء رضي الله عنه، كذلك أيضًا الشافعي وغيرهم؛ يعني: هذا ذكاء غريزي من الله.
الثاني مكتسب بأن يمرِّن الإنسان نفسه على تدبر القرآن وتدبر الحديث وربط الأدلة بعضها ببعض؛ آيات يربط بعضها ببعض، أحاديث كذلك، فيرزقه الله فهمًا كبيرًا، أنا قصدي بهذا فهم النص على المراد به.