للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: المسح، فنحن نقول: إذا تمت المدة لا تمسح، معروف، لكن قبل تمام المدة إذا مسحت وبقيت على طهارتك، فإن طهارتك هذه قد تمت بمقتضى دليل شرعي، وما تم بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يرفع إلا بدليل شرعي، ولا دليل على ذلك، والأصل بقاء الطهارة وعدم النقض.

فإن قال قائل: أفلا توجبون عليه الوضوء احتياطًا؟

قلنا: لا شك أن الاحتياط بابٌ واسعٌ، ولكن ما هو الاحتياط؟ هل هو بلزوم الأشدِّ، أو بلزوم الأيسر، أو بلزوم ما اقتضته الشَّريعة؟ الأخير.

فإذا شككنا هل اقتضته الشَّريعة أم لا؟ فقد اختلف العلماء هل تسلك الأيسر أو الأشد؟

فقال بعض أهل العلم: تسلك الأيسر؛ لأن الأصل براءة الذِّمَّة؛ ولأنَّ الدينَ مبنيٌّ على اليُسر والسهولة.

وقال بعض العلماء: تسلك الأشد؛ لأنه أحوط وأبعد عن الشُّبهة.

ولكن عندنا في مسألة النقض أصل أصَّله لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الرَّجُل يُخيَّل إِليه أنَّه يجدُ الشَّيء في الصَّلاة، فقال: «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» (٦)، فلم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء إلا على من تيقَّن سبب وجوبه، أو لا؟

الطلبة: نعم.

الشيخ: «حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»، ولا فرق بين كون سبب الوجوب مشكوكًا فيه من حيث الواقع، كما في الحديث، أو من حيث الحكم الشَّرعي، فإن كُلًّا فيه جهالة؛ هذا جاهل بالواقع هل حصل ولَّا ما حصل؟ وهذا جاهل بالشرع هل يوجب هذا أو لا يوجب؟

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» علم أننا لا ننقض الوضوء إلا بماذا؟

طلبة: باليقين.

الشيخ: بيقين، وهنا لا يقين، بل الرَّاجح الذي يغلب على الظن أن ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله أصح؛ وهو أنها لا تنتقض الطَّهارة بانتهاء المدَّة؛ لعدم الدَّليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>