ونحن نقول: أيُّ إنسان يأتي بدليل فإن فرضًا علينا أن نتَّبع الدَّليل، لكن إذا لم يكن دليلٌ فليس يسوغ لنا أن نُلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به؛ لأنا مسؤولون، أهل العلم مؤتمنون على الشَّريعة، لا يمكن أن يلزموا عباد الله بما لا يلزمهم، ولا أن يحللوا لعباد الله ما حرِّم عليهم، هم أمناء كالوكلاء؛ ولهذا جاء في الحديث: أنهم ورثة الأنبياء (٧).
كذلك أيضًا لو برئ ما تحت الجبيرة وجب عليه أن يستأنف الطَّهارة؛ إذا كانت في أعضاء الوضوء استأنف الوضوء، إِذا كانت في أعضاء الغسل، كما لو اغتسل من جنابة ومسح فإنه يستأنف غسل ما تحتها، ولا يستأنف الغسل كاملًا؛ لأن الغسل -على المذهب- لا تُشترط فيه الموالاة، فيغسل ما تحتها وينتهي، وكذلك لو انحلَّت الجبيرة فإنه يستأنف الطَّهارة.
الصَّحيح أنه لا تبطل طهارته لبرء ما تحت الجبيرة، ولا بانتقاضها، ويعيد شدها في الحال، أو متى شاء. والصَّحيح كما قررنا الآن: أنه لا تبطل طهارته لبرء ما تحتها ولا بانتقاضها، ويعيد شدها في الحال، أو متى شاء؛ لأن الجبيرة -على القول الرَّاجح، كما مر- لا يُشترط لوضعها الطهارة.
هذا خلاصة باب المسح على الخفين، وبه نعرف أن الممسوحات ثلاثة أشياء: خف، وعمامة، وجبيرة، والعمامة منها الخمار للمرأة، فتكون بالبسط أربعة، وبالاختصار ثلاثة: ملبوس على الرجل، وعلى الرأس، وعلى سائر الجسم، أي جسم، لكن الأخير إنما هو في الضرورة.
هل يجوز المسح على الذراعين إذا كانت الأكمام ضيقة والناس في الشتاء؟
طلبة: ما يجوز.
الشيخ: ما يجوز؟
طلبة: ما يجوز.
الشيخ: كيف ما يجوز؟
طالب: لأنه ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كانت أكمامه ضيقة، فأخرج يديه وأظهرها مع الجيب (٨).
الشيخ: أظهرها من الأسفل، ما هو مع الجيب، هذا دليل صحيح؛ دليل إيجابي، لكن لو فرض أن هذا الدليل لم يرد؟