للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا نقف عند نقطة مهمة جدًّا وهي قوله: (كفر عارف بالحكم) ولم يقل: كفر -أي المانع- جحدًا، ما قال: إن منعها جحدًا لوجوبها كفر، قال: (إن منعها جحدًا لوجوبها كفر عارفٌ بالحكم) وعلى هذا فإذا منعها جحدًا لوجوبها وهو يجهل الحكم فإنه لا يكفر؛ لأنه معذور بجهله؛ ولكن هل تقبل دعوى الجهل من كل واحد؟ لا، من عاش بين المسلمين وجحد الصلاة، أو جحد الزكاة، أو جحد الصوم، أو جحد الحج، وقال: أنا ما علمت فإننا لا نقبل قوله؛ لأن مثل هذا معلوم بالضرورة من دين الإسلام، يعرفه العامي والعالم فلا يقبل، لكن لو كان حديث عهد بإسلام، أو كان ناشئًا في بادية بعيدة عن القرى والمدن، وأصحاب البوادي البعيدة قد يجهلون شيئًا معلومًا بالضرورة من الدين؛ لأنه ليس عندهم أحد ويمشون على ما عليه آباؤهم، فهذا يُقبل منه أنه جاهل، ولا يكفر ولكن نعلمه، يجب علينا أن نعلمه، ونقول: الزكاة واجبة فريضة، ونبين له الأدلة من القرآن والسنة، فإذا أصر بعد ذلك حكمنا بكفره.

وهذه المسألة -أعني مسألة العذر بالجهل- مسألة عظيمة شائكة من الناس من أطلق وقال: لا يُعذر جاهل في أصول الدين -يعني أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل- كالتوحيد مثلًا، فلو وجدنا مشركًا يعبد القبر أو يعبد الولي، ولكنه يقول: إنه مسلم إنما وجد آباءه على هذا ومشى عليه، ولم يعلم بأن هذا شرك، وهذا قد يوجد في بعض القرى النائية أو البوادي النائية، فهل نحكم بكفره؟

<<  <  ج: ص:  >  >>