ولكن هنا مسألة: قد لا يُعْذَر الإنسان بالجهل؛ بمعنى أنه يمكنه أن يتعلم ولم يفعل مع قيام الشبهة عنده، كرجل قيل له: هذا محرم مثلًا وكان يعتقد الحِلَّ، فمن المعلوم أنه إذا قيل له: هذا محرم فسوف تقوم عنده شبهة على الأقل، فحينئذ يلزمه أن يتعلم، يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين، فهذا ربما لا نَعْذُره بجهله، لماذا؟
لأنه فَرَّط في التعلم، والتفريط يُسْقِط العذر، لكن مَنْ كان جاهلًا ولم يكن عنده أي شبهة ويمشي في هذا على أنه هو الحق، أو يقول هذا على أنه هو الحق فلا شك أن هذا لم يُرِد المخالفة ولم يُرِد المعصية ولم يُرِد الكفر، فلا يمكن أن نُكَفِّرَه، حتى لو كان في أصل من أصول الدين، الإيمان بفرْضِيَّة الزكاة أصل من أصول الدين، وأداؤها أصل من أصول الدين، ومع ذلك الجاهل، ماذا نقول للجاهل، نكفِّره ولَّا لا؟
طالب: لا يُكَفَّر.
الشيخ: لا يُكَفَّر، الجاهل لا يُكَفَّر، وبناءً على هذا يتبين حالُ كثير من عوام المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يستغيثون بالأموات وهم لا يعلمون أن هذا حرام، بل قد لُبِّس عليهم أنَّ هذا مِمَّا يُقَرِّب إلى الله وأن هذا وليُّ الله، وأنه هو الذي يشفع لك عند الله وما أشبه ذلك، وهم معتنقون للإسلام وعندهم غَيْرَة على الإسلام، ولكن يظنون أن هذا من الإسلام، ولم يأتِهم مَنْ ينبِّهُهم، فهؤلاء معذورون، لا يؤاخَذون مؤاخذة المعاند الذي قيل له: هذا شرك.
قال له العلماء: هذا شرك، قال: لا، أنا على ما عليه آبائي وأجدادي، فإن حكم هذا الثاني حكم مَنْ قال الله عز وجل عنهم:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف: ٢٢].
إذن لا بد من أن يكون الجاحد لوجوب الزكاة لا بد أن يكون عارفًا بالحكم، فإذا جَحَدها وهو عارف بالحكم صار كافرًا.