ومن ذلك الذين قالوا: إن نصوص كُفْر تارك الصلاة محمولة على مَنْ تركها جَحْدًا لوجوبها، نقول: سبحان الله! كيف هذه العقول؟ ! إذا جَحَد وجوب الصلاة، فلو صلى فإنه كافر، لو كان وراء الإمام، لا يختلف عن ظهر الإمام ولا يومًا واحدًا وهو يجحد وجوبها كافر، كيف تعتبرون وصفًا لم يكن في الدليل ولم يُشِر إليه الدليل ولا إشارة، وتُلغون وصفًا علَّق الدليل عليه الحكم، هذه جناية على النص، جناية من وجهين؛ إلغاء ما اعتبره الشرع وصفًا موجِبًا للحكم، واستحداثُ وصفٍ لم يكن في النص، ولا تَعَرَّض له النص.
وهذا البلاء -يا إخواني- يأتي كثيرًا من العلماء؛ لأنهم يعتقدون قبل أن يستدلوا، فإذا اعتقدوا قبل أن يستدلوا حاولوا لَيَّ أعناق النصوص إلى ما يعتقدون، هذه واحدة، أو يكون المستدِل -العالم- مستعظِمًا الأمر؛ كيف يكفر وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويؤمن بالله واليوم الآخر؟ فيستعظم أن يَكْفُر بترك الصلاة، فيحاول أن يُحَرِّفَ النصوص من أجل استعظامه أن يكفر.
على كل حال هذا جئنا به استطرادًا، وإلَّا الموضوع -موضوع مَنْ مَنع الزكاة جاحدًا لوجوبها- فهو كافر، ومَن جحد وجوبها وأدَّاها فهو أيضًا كافر للجَحْد لا للمنع.
يقول رحمه الله:(أو بُخْلًا)؛ يعني: أو منعها بخلًا.
(وأُخِذَت منه وقُتِلَ)(أُخِذَتْ منه) الزكاة (وقُتِلَ)، تُؤْخَذُ منه وتُعطَى أهلها ويُقتَل؛ يُقتَل لرِدَّتِه.
وهنا يقع إشكال: كيف تُؤْخَذُ منه وقد حكمنا بكفره؟ وهي لا تُقْبَل منه؛ لقوله تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ}[التوبة: ٥٤]، فكيف نأخُذُها منه ما دام حكمنا بكفره ورِدَّتِه؟ ! وإذا قتلناه فسيكون ماله لمن؟ لبيت المال؛ لأن المرتد لا يَرِث ولا يورَث فكيف تُؤْخَذ؟
نقول: لأنه تَعَلَّق بها حقُّ الغير، وهم أهل الزكاة.