للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال قائل: إذا دخلت بيت المال فالذي يُصرف إليه بيتُ المال أعَمُّ مما تُصرف فيه الزكاة، أفلا يدخل الأخص بالأعَمِّ؟ الجواب: لا؛ لأنها ربما تُصْرَف في الأعَمِّ، تُصْرَف مثلًا في إصلاح الطرق، في بناء المساجد وما أشبه ذلك، وهذا لا يَصِحُّ صَرْفُ الزكاة فيه.

إذن نقول: إذا منعها جحْدًا لوجوبها فإنها تؤخذ منه ويُقتل، وورد الإشكال الذي أوردنا، وهي كيف تؤخذ منه وهو كافر ولا تُقبل منه؟

قلنا: لتعلُّق حق الغير بها، وأوردنا سؤالًا آخر؛ قلنا: أَفَلَيْسَ مال المرتد لبيت المال وبيت المال أعمُّ من الزكاة؟

قلنا: بلى، لكن قد لا تُصْرَف في المصارف الخاصة وتُصرف في المصالح العامة، وهذا لا يجوز.

ثم قال: (وقُتِلَ)، قُتِل لردته؛ ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (٢) وظاهر كلام المؤلف أنه لا يُستتاب، ولكن هذا الظاهر قد يكون مُرادًا وقد يكون غيرَ مُراد، وأن المراد بيان الحكم بقطع النظر عن شروطه.

وسيأتينا إن شاء الله تعالى في أحكام المرتد أن المرتد لا يُقتل حتى يُستتاب ثلاثة أيام، والعلماء رحمهم الله مختلفون؛ هل كلُّ كُفْرٍ يُستتاب منه؟ وهل الاستتابة واجبة أو راجعة إلى رأي الإمام؟ والصواب أنها ليست واجبة، وأنها راجعة إلى رأي الإمام، إن رأى من المصلحة أن يُستتاب لكون المرتد زعيمًا في قومه وأنه لو عاد إلى الإسلام لنفع الله به، فهذا يجب أن يستتيبه الإمام، وإن رأى أن إعدامه خير من بقائه لنفسه ولغيره؛ لأن طول عمر الكافر زيادة في إثمه، قال الله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: ١٧٨]، فهنا لا يحتاج إلى استتابة، يقتله.

<<  <  ج: ص:  >  >>