للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخذ: مَنْ له حق الأخذ وإلزام الناس بالشرع، وهو السلطان وسلطانُ كلِّ بلدٍ مَنْ جُعِل أميرًا عليها من قِبَل السلطان الأعلى، فتؤخذ، يأخذها الإمام قهرًا أو اختيارًا؟ قهرًا؛ لأنه مانع، ويُعَزَّر، التعزير يطلق على معانٍ منها: النصرة، ومنها: التأديب؛ النصرة كما في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: ٩]، تعزِّروا رسوله أي: تنصرونه.

والتعزير بمعنى التأديب، مثل كلام المؤلف وهو كبقية كلام الفقهاء، وسُمِّيَ التأديب تعزيرًا، وأصل التعزير النصرة؛ لأن فيه نصرةَ نَفْسِ الإنسانِ عليه؛ لأننا إذا أدَّبناه استقام فنصرناه على نفسه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» (٣) قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم كيف ننصر الظالم؟ قال: «تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَذَلِكَ نَصْرُهُ»، فهذا الذي أدَّبناه، نقول: عزَّرناه تعزيرَ نصرٍ في الواقع؛ لأننا نصرناه على نفسه، إذ إن هذا سيردعه عمَّا كان عليه.

وهنا سؤال؛ إذا أُخذِت منه فهل تبرأ بها ذمته؟

نقول: أما ظاهرًا فتبرأ منها ذمته؛ تبرأ ظاهرًا، بمعنى أننا لا نطالبه بها مرة ثانية، وأما باطنًا لا تجزئه؛ لأنه لم ينوِ بها التقرب إلى الله، ولم ينوِ بها إبراء ذمته من حق الله، فلا تبرأ بها ذمته فيكون معاقَبًا عليها عقوبة مَنْ لم تُؤْخَذ منه؛ لأنه بغير اختيار منه.

يقول: (وعُزِّر)، لم يُبَيِّن المؤلف رحمه الله بماذا يعزَّر؛ بالضرب، بأخذ شيء من ماله زيادة على الزكاة، بالحبس، بالتوبيخ أمام الناس، بإركابه حمارًا؟

لم يذكُر، وإذا كان المقصود من التعزير التأديب، فإن ما يحصل به التأديب هو الواجب، ويختلف باختلاف الناس؛ مِنَ الناس مَنْ تعزيرُه بالمال، مَنْ هذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>