البخيل، البخيل عَزِّره بالمال ولن يعود، ومن الناس مَنْ تعزيره بالضرب، المال لو تأخذ نصف ماله ما يهمه، فربما يفعل الرجلان ذنبًا واحدًا أحدهما نُعزِّره بالمال والثاني نُعزِّره بالضرب، وربما يكون جِلْدُه صخرًا، ما يبالي بالضرب، ولكن لو توبِّخُه بكلمة أمام الناس غاصت به الأرض، بماذا نعزِّرُه؟
بهذه، بالتوبيخ، وربما يُعزَّر بالفصل عن الوظيفة.
المهم إن التعزير لا يتقيَّد بنوع معين من العقوبة؛ لأن المقصود به أيش؟ الإصلاح والتأديب، وهذا يختلف باختلاف الناس؛ يقال: إن بخيلًا عَثَر عَثْرة جيدة، فلما عَثَر ورأى إصبعه وإذا هو قد أدمى، فقال: الحمد لله شوي، ولَّا في النِّعلة، أيهن أشد؟
طالب: النِّعلة.
الشيخ: عنده النِّعلة أشد، يمكن لو انقطع إصبعه ما يهمه، ولكن النِّعلة شديدة عليه، هذا من البخلاء، مثل هذا نعزِّرُه بأي شيء؟
بالمال، ولذلك المؤلف أَطْلَق، لكنه قد رَوَى أهل السنن من حديث بَهْزِ بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن مَنَعَها:«إنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا»(٤)، ولا شك أن الشرع إذا عَيَّن نوع العقوبة ولو بالتعزير فهي خير مما يفرضه السلطان، فنأخذها وشَطْر ماله، فما المراد بشطْر المال؟ شطر المال: نصفه، لكن هل هو المال عمومًا؟ أو ماله الذي منع زكاته؟
في هذا قولان للعلماء، وأظنكم أيضًا سيكون لكم فيها قولان؛ أن نأخذ نصف ماله الذي منع زكاته، فإذا كان عنده مثلًا مئة من الإبل ومنع زكاتها، وعنده مئة من الغنم أدَّى زكاتها، فعلى القول بأن المراد بشَطْر ماله أي الذي مَنع زكاته، كم نأخذ منه؟
زكاة الإبل وخمسين بعيرًا، وعلى القول الثاني نأخذ زكاة الإبل وخمسين بعيرًا وخمسين شاة؛ لأن المراد المال كله، والنص محتمل، فإذا كان محتمِلًا فهل نأخذ بأشدِّ الاحتمالين أو بأيسرهما؟