للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لأنه يبرئ ذمته بيقين، فإن الوكيل قد يتهاون بعض الشيء، قد يتهاون في إعطائها من لا يستحق، قد يتهاون في المبادرة بصرفها، وقد يتهاون فتتلف عنده، فإذا فرَّقها الإنسان بنفسه أبرأ ذمته بيقين.

وجه ثالث: أنه يدفع عن نفسه المَذَمَّة، لا سيما إذا كان غَنيًّا مشهورًا، ولم يُعْرَف وكيلٌ له، فإنه يقع في أفواه الناس؛ يقولون: فلان لا يُزَكِّي.

فهذه ثلاثة أوجه كلها تدل على أن الأفضل أن يفرقها بنفسه.

وعُلِمَ من قوله: (الأفضل) أنه يجوز أن يُوَكِّلَ مَنْ يدفعها عنه، سواء دفعها الوكيل من ماله، أو أعطاه مَنْ تجب عليه المال وقال: ادفعه زكاةً، فهو جائز.

أما الصورة الأولى: أن يدفعها الوكيل من ماله فأن يقول شخص لآخر: إن عليَّ مئة ريال زكاة فادفعها عني، فيدفعها الوكيل من ماله، فيجزئ، ويَرْجِع بها على مَنْ تجب عليه.

وأما الصورة الثانية فأن يعطيه الدراهم، ويقول: هذه زكاة فرِّقْها على نظرك لمستحقِّها.

وهل يجوز دفعها إلى الساعي وهو الوكيل من قِبَل الحكومة؟

الجواب: نعم يجوز، لكن بشرط أن نكون على ثقة بأنها تصرف في مصارفها، فإن كنا لسنا على ثقة فإنا لا ندفعها، إلَّا إذا طُلِبَت منا وخِفْنا أن يرجعوا علينا فيما لو لم ندفعها لهم، فحينئذ ندفعها وإن كان يغلب على ظننا أنهم لا يضعونها في مواضعها، وإذا دفعناها في هذه الحال صار الإثم -إن لم تصل إلى أهلها- على مَنْ؟

طالب: الساعي.

الشيخ: على الساعي، وهنا يقول: (الأفضل أن يُفَرِّقَها بنفسه)، ولم يذكر هل يفرقها سرًّا أو يفرقها علنًا؟ وهل يُعْلِم مَن سلَّمه إياها بأنها زكاة أو لا يُعْلِم؟

فهاتان مسألتان؛ الأُولى: هل الأفضل إسرارها أو إعلانها؟

والثاني: هل يُعْلِم من أعطاه بأنها زكاة أو لا يُعلمه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>