أما الأول: فالصحيح أنه يَنْظُر للمصلحة، إن كانت المصلحة في الإسرار أسَرَّ، وإن كانت المصلحة في الإعلان أعلن، وإذا كانت المصلحة في الإعلان تتحقق بدفع بعض الزكاة دَفَع البعض إعلانًا وأسرَّ الباقي؛ لأن الأصل أن الإسرار أفضل، لكن إذا كان في الإعلان مصلحة مثل أن يقتدي به الناس في إخراج زكاة أموالهم، وما أشبه ذلك من المصالح التي تُعْرَف في حينها فإن الأفضل الإعلان، وإلَّا فالأصل أن الإسرار أفضل؛ لئلا يقع الإنسان في الرياء، وأن يكون بَذَلَها ليقال: فلانٌ كريم.
أما المسألة الثانية وهي: هل يخبِر المدفوع إليه بأنها زكاة، أو يعطيه ويسكت؟
قال العلماء رحمهم الله: إذا عَلِم أنه أَهْلٌ للزكاة فلا يخبره بأنها زكاة، يعطيه ولا يحتاج أن يُعْلِمَه؛ لأن في إعلامه أنها زكاة نوعًا من الإذلال والتخجيل، فلا ينبغي أن يُعلمه.
أما إذا كان لا يَعْلَم فليُعْلِمْه وليقل: إنها من الزكاة من أجل أنه إن كان من أهلها قَبِلَهَا، وإن لم يكن من أهلها قال: لا أقبلها.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(ويقول عند دفعها هو وآخِذُها ما ورد)، يَحْتَمِل أن تكون العبارة (ويقول) عطفًا على (يفرق)، ويَحْتَمِل أن تكون بالرفع على سبيل الاستئناف، وعلى كلٍّ فينبغي أن يقول عند دفعها ما ورد، ويقول المدفوع إليه أيضًا ما ورد.
أما هو فينبغي أن يقول: اللهم تقبَّلْ مني إنك أنت السميع العليم، بعضهم يقول: تقول: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا.
وأما الآخذ فقد قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه آله وسلم:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[براءة: ١٠٣] فتقول: اللهم صلِّ عليك أو صلى الله عليك أو ما أشبه ذلك، أو تدعو بما ترى أنه مناسب.
قال:(والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده) هذا هو الأفضل؛ أن يُخرَج زكاة كل مال في فقراء البلد، وذلك لوجوه: