للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هناك دليل واضح؛ لأنهم استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» (٧)، على فقرائهم، فالإضافة تقتضي التخصيص؛ أي: فقراء أهل اليمن، لا تجزئ لغيرهم.

وقال بعض العلماء: يجوز نقلها إلى المكان البعيد والقريب للحاجة أو المصلحة؛ للحاجة كما لو كان البلد البعيد أهله أشدُّ فقرًا، أو المصلحة كما لو كان له أقارب يساوون مَنْ عنده في البلد في الحاجة، لكن إذا دفعناها للأقارب حصل لنا صدقة ويش؟ وصِلَة، وهذه مصلحة، أو يكون في البلد الآخر طلاب علم حاجتهم مساوية لأهل البلد الذي أنت فيه، فهنا لا شك أن دَفْعَها إلى هؤلاء أصلح.

وهذا القول -أعني بأنه يجوز نقلها إلى مسافة القَصْر لمصلحة أو شدة حاجة- هو الصحيح، وهو الذي عليه العمل؛ لعموم الأدلة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] وهؤلاء فقراء مساكين.

وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ: «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرائِهِمْ» فالإضافة هنا يحتمل أن تكون للجنس، كما هي في قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} إلى أن قال: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١]، ويحتمل أن تكون للتعيين والتخصيص، لكن نظرًا إلى أنَّ نقل الزكاة من اليمن إلى المدينة مثلًا فيه شيء من الصعوبة والمشقة فصار توزيعها هناك أو ( ... ) هناك أرفق وأنفع، وعلى هذا القول الذي صححناه عليه العمل، فتجد الناس الآن يرسلون زكواتهم من الحجاز إلى القصيم، ومن الرياض إلى القصيم، ومن الرياض مثلًا إلى اليمن من غير نكير، فالعمل جارٍ على هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>