يقول المؤلف رحمه الله:(فإن فعل أجزأت)، معنى (فعل) أي: نقلها إلى مسافة القَصْر فأكثر أجزأت، ولكنه يأثم.
فإن قال قائل: القاعدة عندنا أن المحرم لا يجزئ.
قلنا: التحريم هنا ليس عائدًا إلى الدفع، بل هو عائد إلى النقل، وإلَّا فقد دُفِعَتْ إلى أهلها فتجزئ، ويكون آثمًا بالنقل.
والنهي الذي يقتضي الفساد أو التحريم الذي يقتضي الفساد هو ما عاد إلى عَيْن الشيء وذات الشيء، مثل:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ»(١٤) فلو صلى إنسان بعد العصر لم تَصِحَّ صلاته إلَّا ما استُثني، فهناك فَرْق بين أن يتعلق التحريم بنفس العبادة، أو بأمر خارج عنها.
(فإن فعل أجزأت إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه فيُفَرِّقُها في أقرب البلاد إليه)، هذا مستثنىً من قوله:(ولا يجوز نقلُها إلى ما تقصر فيه الصلاة).
استثنى قال:(إلا أن يكون) والضمير في (يكون) يعود إلى المال بدليل قوله: (والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده) إلَّا إذا كان المال في بلد لا فقراء فيه، قال:(فيفرِّقُها) بالرفع؛ لأن الفاء هنا استئنافية وليست عاطفة.
(فيفرقها في أقرب البلاد إليه) ووجه ذلك أنه لمَّا عُدِمَ المستحِقُّ في الموضع الذي يجب فيه دَفْع الزكاة سقط الواجب، كما لو قُطِعَتْ اليد فإنه يسقط غسلها في الوضوء، وكما لو قُطِع الكف فإنه يسقط السجود عليه في حال الصلاة؛ لأن المحل الذي يجب فيه عليه السجود قد زال، مع أن المسألة الأخيرة تحْتَمِل أن نقول: ولو قُطِعَتْ كفه يجب عليه أن يضع طَرَف الذراع على الأرض؛ لأن المقصود هو الخضوع لله عز وجل.
طالب: شيخ.
الشيخ: نعم؟
طالب:( ... ) يا شيخ، العلماء يقولون قاعدة: أن زكاة الفطر تُدْفَع ( ... ).
الشيخ: ستأتي في كلام المؤلف.
طالب: شيخ، قول المؤلف:(ولا يجوز إخراجُها إلَّا بِنِيَّةٍ) شيخ، قال بعضهم: إلَّا أن يأخذها منه السلطان قهرًا.