للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم: (ثمانية) يُستفاد منه أنه لا يجوز أن تُصرف في غيرهم؛ لأن الحصر يقتضي إثبات الحكم في المذكور ونَفْيُهُ عَمَّا سواه، فلا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد، ولا بناء المدارس، ولا إصلاح الطرق، ولا غير ذلك؛ لأن الله فرضها لهؤلاء الأصناف وقال: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

الأول يقول: (الفقراء وهم: الذين لا يجدون شيئًا، أو يجدون بعض الكفاية، والمساكينُ: يجدون أكثرها أو نصفَها) فصار فقراء يجدون أقل من النصف، أو لا يجدون شيئًا، والمساكين يجدون النصف ودون الكفاية.

وكيف يمكن أن نعرف هذا؟ والإنسان قد يقدِّر أن نفقته في السنة عشرة آلاف، ثم تزداد الأسعار، فتكون النفقة عشرين ألفًا أو خمسة عشر، فكيف يمكن؟

نقول: هذا يقدِّر الإنسان بحسب ما يظهر له الآن، وإذا جدَّ حديث فلكل حادث حديث، هذه واحدة.

أو يكون الإنسان يعلم ذلك براتب شهري، مقداره خمسة آلاف في السنة كلها، وهو ينفق في السنة عشرة آلاف، الآن نعرف أنه فقير ولَّا مسكين؟

طلبة: مسكين.

الشيخ: مسكين، ليش؟ يجد النصف.

إذا كان راتبه أربعة ومصروفه عشرة؟

طلبة: فقير.

الشيخ: فهو فقير.

إذا لم يكن عنده شيء ولا وظيفة ولا عمل؟

طلبة: فقير.

الشيخ: فهو فقير، نعم؟

طالب: أفقر.

الشيخ: أفقر.

وسمي الفقير فقيرًا؛ لأنه خالي اليد، وأصلها من القَفْر؛ والقَفْر: الأرض الخالية من السكان، لكن الاشتقاق هنا اشتقاق لا يناسب المشتق منه في ترتيب الحروف، وإن كان يوافقه في الحروف لكن يخالفه في الترتيب.

يقول المؤلف: (وهم من لا يجدون شيئًا، أو يجدون بعض الكفاية)، وهل المعتبَر كفاية الشخص، أو كفايته وكفاية من يمونه؟ الثاني هو المعتبر.

وهل المعتبر ما يكفيه للأكل والشرب والكِسوة والسُّكْنى، أو حتى للإعفاف؛ إعِفاف نفسه بالنكاح؟

<<  <  ج: ص:  >  >>