للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: لا الثاني ولا الأول؛ منهم من يُعْطَى لحاجته، ومنهم من يُعْطَى لحاجة المسلمين إليه، فمن يُعْطَى لكفِّ الشر، هذا ليس لحاجته، بل لاحتياجنا إلى دَفْع شره، ومن يُعْطَى لقوة إيمانه أو رجاء إسلامه، يُعْطَى لحاجته، لكن ليست الحاجة حاجة النفقة والمال، بل حاجة أخرى.

(الخَامِسُ الرِّقَاب) لقول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ}، وما هي الرقاب؟ الرقاب جمع (رقبة)، والمراد بها: الأرِّقاء، فتُصرَف الزكاة في الأرِّقاء، ولكن كيف ذلك؟ هل معناه أننا نعطي الرقيق مالًا؟ لا، معناه ما ذكره المؤلف قال: (وَهُمْ المكَاتَبُونَ)، المكاتَبون: هم الذين اشتروا أنفسهم من ساداتهم، مكاتَب؛ أي: قد اشترى نفسَه من سيده، وهو مأخوذ من الكتابة؛ لأن هذا العقد تقع فيه الكتابة بين السيد وبين العبد، فكم يُعْطَى؟ يُعطى ما يحصُل به الوفاء.

مثال ذلك: اشترى عبدٌ نفسَه من سيده بعشرة آلاف؛ خمسة بعد ستة أشهر، وخمسة بعد ستة أشهر أخرى، فهنا نعطيه خمسة آلاف للأَجَل الأول، وخمسة آلاف للأَجَل الثاني.

و(المكَاتَبون) يجوز أن نعطيه بيده فيُوفِيَ سيده، ويجوز أن نعطي سيده قضاءً عنه؛ لأن الله تعالى قال في الآية: {وَفِي الرِّقَابِ}، (فِي) للظرفية، ولم يقل: وللرقاب، بخلاف الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، فإن هؤلاء يُعْطَون تمليكًا بأيديهم؛ لأن استحقاقهم كان بـ (اللام)، واللام للتمليك.

أما الرقاب فجاء استحقاقهم بـ (في) الدالَّة على الظرفية، ولا يُشترط فيها التمليك، فيجوز أن نذهب إلى السيد ونقول: قد كاتبتَ عبدَك على عشرة آلاف، هذه عشرة آلاف، وإن لم يعلم العبد، وحينئذٍ يَصْدُق أننا أدَّينا الزكاة في المكاتَبين.

قال المؤلف: (ويجوز أن يُفَك منها الأسيرُ المسلِمُ) الأسير (فعيل) بمعنى (مفعول)، كـ (جريح) بمعنى (مجروح)، فـ (أسير) بمعنى (مأسور).

<<  <  ج: ص:  >  >>