للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: (وَيَأْثَمُ بِمَا يَنْقُصُهَا)، (يَأْثَم) أي: المتَصَدِّق، (بِمَا) أي: بصدقة تَنْقُص كفايته، (بِمَا يَنْقُصُهَا) أي: ينقص كفايتَه وكفايةَ مَن يَمُونُهُ، ووجه ذلك أنه إذا نقص الواجب أَثِم، فكيف يليق بك أن تترك واجبًا وتتصدق بتطوع؟ هذا لا يليق؛ لا شرعًا، ولا عقلًا، ولا عرفًا، ابدأ أولًا بِمَن تعول.

ثم اعلم أيضًا أن خير صدقة تتصدق بها على نفسك وأهلك؛ يعني الصدقة على أهلك أفضل من الصدقة على الخارج، كما جاء في الحديث، فإذا قمت بالواجب في مَؤُونتك ومَؤُونة أهلِك فأنت قائم بواجب وصدقة، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا أنفق على أهله فهي صدقة، بل على نفسه فهي صدقة.

وحينئذ نقول: إنك في الواقع لم تخرج عن مسمَّى المتصدِّق إذا أنفقت على نفسك وأهلك، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل الإنفاق على الأهل من الصدقة، بل الإنفاق على الأهل واجب تُثَابُ عليه أكثر من الثواب على الصدقة على بعيد.

وقوله: (بِمَا يَنْقُصُهَا)، يقرؤها بعضكم: يُنْقِصُها، من الرباعي، ولكنها من الثلاثي، وهي لازمة ومتعدية، بل تتعدى لاثنين، قال الله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٤] هنا تعدَّت؟

طلبة: لاثنين.

الشيخ: لاثنين، الكاف؟

طلبة: وشيئًا.

الشيخ: وشيئًا، وتكون لازمة، كما إذا قلت: نقص المال، ومثلها: (زاد)، (زاد) تستعمل لازمة ومتعدية، فتقول: زاد المال، وتقول: زادني خيرًا، قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، كم نصبت؟

طلبة: اثنين.

الشيخ: مفعولين، إذن صواب قراءتها أن تقول؟

طلبة: (بِمَا يَنْقُصُهَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>