والمسألة فيها احتمال؛ يعني: احتمال أن يكون هذا القول هو الصواب قوي، وشيخ الإسلام رحمه الله يرى أن الوُضُوء من مسِّ الذَّكَر مستحبٌ مطلقًا، ولو بشهوةٍ.
وإذا قلنا: إنه مستحب فمعناه أنه مشروع وفيه أجرٌ، وفيه أيضًا احتياط.
وأما دعوى من ادعى أنَّ حديث طَلْق بن عليٍّ منسوخ ..
طالب: أقول: ظاهر الكف، والقبل ما هو الدليل ( ... )؟
الشيخ: إي نعم، أما دليلهم في ظاهر الكف فقالوا: عموم «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ»(١٧)، هذا عام، فاليد تشمل داخل الكف وظاهره، وأما القُبُل فقالوا: إن إحدى روايات حديث أبي هريرة: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ»(١٩)، والقُبُل من الفرج.
طالب: إذا قلنا: إنها للشهوة ( ... )؟
الشيخ: هم يرون النقض مطلقًا، لشهوة ولغير شهوة.
أقول: ادعى قوم أن حديث طَلْق بن عليٍّ منسوخ، ووجهوا دعواهم بأن طلق بن علي قَدِمَ على الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يبني مسجده أول الهجرة، ولم يَعُدْ إليه بعدُ، وهذه الدعوى غير صحيحة؛ وذلك لأنه لا يُصار إلى النسخ إلا إذا تعذَّر الجمع، وهذا مسلَّم متفق عليه، والجمع هنا ممكن.
الوجه الثاني مما يبطل دعوى النسخ: أن في حديث طَلْق عِلَّة لا يمكن أن تزول، وإذا رُبِط الحُكم بعلَّة لا يمكن أن تزول فإن الحكم لا يمكن أن يزول؛ لأن الحكم يدور مع عِلَّته، ما هي العلَّة؟ «إِنَمَّا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ»، هل يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بَضْعَة منه؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، ما يمكن، إذنْ لا يمكن النسخ.
وكأن واحدًا يهمس يقول: يمكن؛ يعني: إذا قُطِعَ، وإذا قُطِع فإذا مسه لا يضر، على كل حال، هذان وجهان من أوجه الرد أو إبطال هذه الدعوى.