ثالثًا: أن أهل العلم يقولون: إن التاريخ لا يُعلم بتقدُّم إسلام الرَّاوي أو تقدم أخذه؛ لجواز أن يكون الرَّاوي حَدَّث به عن غيره؛ بمعنى: إذا روى صحابيَّان حديثين ظاهرهما التَّعارض، وكان أحدُهما متأخِّرًا عن الآخر، فهل نقول: إنَّ الذي تأخَّر إسلامُه يكون حديثه ناسخًا لمن تقدَّم إسلامُه؟
طالب: لا.
الشيخ: الجواب: لا؛ لأنه يجوز أن يكون الذي تأخر إسلامه رواه عن غيره من الصَّحابة، أو حدثه النبي صلى الله عليه وسلم به بعد ذلك، فلا نسخ بتأخر إسلام الراوي، كما هو معروف عند أهل العلم.
وعلى هذا فنعود إلى الجمع، وهو بأحد الوجهين اللذيْن سمعتموهما؛ إما أن يحمل حديث بسرة على الاستحباب وحديث طلق على الوجوب؛ يعني: هل عليه الوضوء؟ قال: لا، ما عليه، لكن لا يمنع أن يكون مستحبًّا، وإما أن يقال: إن حديث طلق بن علي فيمن مسه مس شهوة، لا فيمن مسه مس أي عضو آخر.
طالب: حديث بسرة؟
الشيخ: لا، حديث طلق فيمن مسه لشهوة، لا فيمن مسه كأي عضو آخر؛ لأن التعليل «إِنَمَّا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» يدل على أنك إن مسسته مس أي عضو آخر فهو عضو، وإن مسسته لشهوة انفرد بالحكم.
الخلاصة الآن نريد أن نعرف المسألة عمليًّا؛ عمليًّا نرى أنه إذا مس الإنسان ذكره استُحِبَّ له الوضوء مطلقًا، لشهوة أو لغير شهوة، وأنه إذا مسَّه لشهوة فالقول بالوجوب قوي جدًّا، ولكن ليس بظاهر؛ بمعنى أني لا أجزم به، لكن أرى أنه قوي، وأن الاحتياط أن يتوضَّأ.
قال المؤلف:(ولَمْسُهُمَا من خُنْثَى مُشْكِلٍ) فالخنثى المشكل مشكل حاله وأمره وحكمه، نسأل الله ألا يقدِّره على بني آدم، الخنثى المشكل يُعطَى أحكام الذكر والأنثى، ويراعى فيه الاحتياط، فإذا مس الإنسان ذَكَرَ خنثى مُشْكل لم ينتقض وضوؤه؛ لأنه؟
طالب: لا يُعرَف.
الشيخ: لا يُعرَف، قد لا يكون ذكرًا، هذا قد يكون عضو زائدًا، وإذا مس فرجه لا ينتقض أيضًا؛ لأنه قد يكون أصليًّا؛ الذَّكَر، والفرج زائد.