الشيخ: لو قال لك قائلٌ: الآية مطْلَقة؛ {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٥]، وأنتم قلتم في السفر: له الفِطر وإنْ لم يشُقَّ عليه. فقولوا في المرض: له الفِطر وإنْ لم يشقَّ عليه. حتى الإنسان الذي فيه زكامٌ يسيرٌ نقول له: أفطِر.
طالب: فيه قول.
الشيخ: فيه قول! طيب، هذه أحسن مما يُقال عن ابن جِنِّي: فيه قولانِ.
الطالب:( ... ).
الشيخ: ابن جِنِّي يقولون: هو رجلٌ معروفٌ عالمٌ في النحو، وله شيخٌ كبيرُ العِمامة، أبوه من شيوخِ العمائم ولا يَعْرِف، وكان الناس يسألونه، فيقال أنه قال له ابنه: كُلّ ما قالوا لك قُلْ: فيه قولانِ؛ لأنه ما تخلو مسألة من خِلاف، فقيل له: أفي الله شكٌّ؟ قال: فيه قولانِ. تورَّط بهذا، الله ما فيه شكٌّ -عز وجل- ولا أحدَ يقولُ: إنه فيه شكٌّ. قالوا لَمَّا شافوه متورِّطٌ قالوا: الحلُّ عند ابنِهِ. قال: نعم، فيه قولانِ في إعرابه، في إعرابه قولانِ. فبعضُ الناسِ الآن ينقدحُ في ذهنه أنَّ المسألة فيها تردُّدٌ فيقول: فيها قولانِ.
طالب:( ... ).
الشيخ: هو فيها قولٌ، لكنْ نريدُ: ما هو القول الصحيح؟ يعني: كيف يُجاب عن الآية؟ لأن ظاهر الآية في الحقيقة يحتمل هذا القول: أنَّ مجرَّد المرضِ يُبيح الفِطْر.
طالب: القول ( ... ) في إطلاقِ الآية، ولكنَّ الصحيح أنَّه لا يُفطِر عملًا بالعِلَّة.
الشيخ: نعم.
الطالب: عملًا بالعِلَّة ( ... ).
الشيخ: طيب، كيف نُجيب عن مسألة السفر؟
الطالب: ثبتَ بالسُّنَّةِ العمليَّةِ أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام كان يصومُ ويُفطر في السفر، يعني ( ... ) في السفر للمشقَّة.
الشيخ: والصحابةُ يصومون ويُفطِرون، ولولا هذا لَقُلْنا: إنَّ السفر لا يجوز فيه الفِطْر إلا إذا كان في الصوم مشقَّة، لكنْ لَمَّا رأينا الصحابةَ أفطروا بدون مشقَّةٍ قُلْنا هكذا.