للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال المؤلف: (ويجب تعيين النية من الليل) النية والإرادة والقصد معناها واحد، يعني قصد الشيء يعني نيته، إرادة الشيء يعني نيته، والنية لا يمكن أن تتخلف عن عمل اختياري، يعني أن كل عمل يعمله الإنسان مختارًا فإنه لا بد فيه من النية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (٢)، يعني ما فيه عمل بلا نية، حتى قال بعض العلماء: لو كَلَّفَنَا الله عملًا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق، يعني لو قال الله لنا: توضئوا بلا نية، صلوا بلا نية، صوموا بلا نية، حُجُّوا بلا نية لكان هذا من تكليف ما لا يطاق، مَنْ يُطيق أن يفعل فعلا مختار فعله ولا ينوي؟ هذا لا يمكن.

وبذلك نعرف أن ما يحصل لبعض الناس من الوسواس حيث يقول: أنا ما نويت أنه وهم لا حقيقة له، وكيف يصح أنك لم تنوِ وأنت قد فعلت؟ وذكروا عن ابن عقيل رحمه الله، وهو من الفقهاء ومتكلم الحنابلة، يعني هو من المتكلمين ومن الفقهاء، أنه جاءه رجل يقول له: ياشيخ، أغتسِل في نهر دجلة ثم أخرج وأرى أنني لم أتطهر أو لم أطهُر. فقال له ابن عقيل: لا تصلِّ. فقال: كيف؟ قال: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» (٣)، وأنت تذهب إلى دجلة -نهر- تنغمس فيه تغتسل عن الجنابة ثم تخرج وترى أنك ما تطهرت، هذا جنون. فارتدع الرجل عن هذا. فالحاصل أن النية مصاحبة لكل عمل أيش؟

طالب: اختياري.

الشيخ: اختياري، لا بد، ثم عاد ما هي النية، تختلف؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، وبهذا التقرير يتبين أن الجملتين في الحديث ليس معناهما واحدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>