للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن: (يُسَنُّ تأخيرُ سُحور) بالضم، يعني: أن الإنسان إذا تسحر -وهو سُنَّة أيضًا السحور- ينبغي له أن يؤخره اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وترقُّبًا للخيرية التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» (٧)، فيكون فيه سُنة قولية وسنة فعلية، ورفقًا بالنفس؛ لأنه إذا أخَّر السحور قلَّت المدة التي يُمْسِكُ فيها، وإذا قدَّم فإنها تطول بحسب تعجيل السحور وتأخيره، ففيها الاقتداء بالسُّنَّة وترقب الخير، والرفق بالنفس.

ولكن يؤخره ما لم يخش طلوع الفجر، فإن خشي طلوع الفجر فليبادر، فمثلًا إذا كان يكفيه ربع ساعة في الأكل -أكل السحور- متى يتسحر؟ إذا بقي ربع ساعة، إذا كان يكفيه خمس دقائق؟ إذا بقي خمس دقائق، يعني يكون ما بين ابتدائه إلى انتهائه كما بينه وبين وقت الفجر.

(تأخير السحور)، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر السحور، حتى إنه لم يكن بين سحوره وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية، يقدرون بالآيات؛ لأنه ما فيه ساعات ذاك الوقت.

ولهذا قال العلماء رحمهم الله في بيان البناء على غلبة الظن في دخول وقت الصلاة قالوا: له علامات، منها: إذا كان من عادته أن يقرأ حزبًا من القرآن، فإذا قرأ هذا الحزب وكان من عادته أنه إذا أتمه دخل الوقت فإنه يحكم بدخول الوقت.

ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما فيه ساعات، فكانوا يقدرون بالآيات، بالأعمال، قَدْر نَحْر جَزور، وما أشبه ذلك، فلهذا يقول: (بينهما قَدْر خمسين آية) ثم قدر خمسين آية، أي آية نعتبرها؛ الطويلة أو القصيرة؟

طلبة: الوسط.

الشيخ: المتوسطة، ثم أي تلاوة نعتبر؛ الإسراع أو الترتيل؟

طلبة: وسط.

الشيخ: أيضًا نقول: وسط؛ لأننا لو قلنا: أطول آية، وقلنا بالترتيل، يطول الوقت.

يقول: (ويُسَنُّ تعجيل فطر)، يعني: المبادرة به؛ إذا أَذَّن المغرب، أو إذا غربت الشمس؟

<<  <  ج: ص:  >  >>