للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أيضًا؛ مما ورد: الحمد عند الانتهاء، فإن الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها، وورد أيضًا آثار في ذلك منها: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (١٦)، وهذه في أسانيدها ما فيها، لكن إذا قالها الإنسان فلا بأس.

ومنها: إذا كان الجو حارًّا وشرب فإنه يقول: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» (١٧) وذهاب الظمأ بالشرب واضح، وابتلال العروق كذلك واضح حتى إن الإنسان إذا شرب وهو عطشان يَحُسُّ بأن الماء من حين ما يصل إلى المعدة يتفرق في البدن، يَحُسُّ به إحساسًا ظاهرًا، ويقول: سبحان الحكيم العليم الذي فرقه بهذه السرعة فهذا مما يُسَنُّ.

ثم قال: (ويُسْتَحَبُّ القضاء متتابعًا)، والباب الذي نحن فيه (باب ما يُكْرَه ويُسْتَحب، وحكم القضاء)

وهنا بدأ بالقضاء، قال: (ويستحب القضاء متتابعًا) الاستحباب مُنْصَبٌّ على قوله: (متتابعًا)، وليس على قوله: (القضاء) لماذا؟ لأن القضاء واجب، والمستحب كونه متتابعًا، أي: لا يفطر بين أيام الصيام لماذا؟ لوجهين:

الوجه الأول: أن هذا أقرب إلى مشابهة الأداء، صح، لماذا؟ لأن الأداء متتابع، شهر رمضان متتابع.

وثانيًا: أسرع في إبراء الذمة، فإنك إذا صُمْتَ يومًا وأفطرت يومًا تأخر القضاء، فإذا تابعت صار ذلك أسرع في إبراء الذمة.

وثالثًا: أنه أحوط؛ لأن الإنسان لا يدري ما يَعْرِض له؛ قد يكون اليوم صحيحًا وغدًا مريضًا، وقد يكون اليوم حيًّا وغدًا ميتًا؛ فلهذا كان الأفضل أن يكون القضاء متتابعًا.

وينبغي أيضًا: أن يبادر به من حين أن يزول يوم العيد يشرع فيه؛ يعني: في اليوم الثاني من شوال يشرع فيه؛ لأن هذا كما قلت: أسرع لإبراء الذمة وأحوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>