للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هل هذا أولى؟ أو الأولى أن يبدأ بالقضاء؟ الثاني، الأولى أن يبدأ بالقضاء، حتى مثلًا لو مر عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة فإننا نقول: صم القضاء في هذه الأيام وربما تدرك أجر القضاء وأجر صيام هذه الأيام، وعلى فرض أنك لا تدرك إلا القضاء فإن القضاء أفضل من تقديم النفل، لكن الكلام على الصحة وعدم التأثيم بصيام النفل، فالذي يظهر أنه لا يأثم، وأن النفل يكون صحيحًا، أما المذهب: فإنه لا يصح، ويأثم، لا يصح أن يتطوع بصوم قبل القضاء، ويكون آثمًا؛ لأنه لا يمكن أن تؤدى النافلة قبل الفريضة.

والجواب على هذا التعليل أن نقول: الفريضة وقتها في هذه الحال موسع، فهو لم يفرض علي أن أفعلها حتى أقول: إنني تركت الفرض، بل هذا فرض في الذمة وسع الله تعالى فيه، فإذا صمت النفل فلا حرج.

إلا أنه هنا مسألة ينبغي التنبه لها وهي أن الأيام الستة من شوال لا تُقَدَّم على قضاء رمضان، فلو قُدِّمَت صارت نفلًا مطلقًا، ولم يحصل على ثوابها الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» (٢١)، وذلك لأن الحديث يقول فيه: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ» ومن كان عليه قضاء فإنه لا يَصْدُق عليه أنه صام رمضان، وهذا واضح.

وقد ظن بعض طلبة العلم أن الخلاف في صحة صوم التطوع قبل القضاء ينطبق على هذا، وليس كذلك، بل هذا لا ينطبق عليه؛ لأن الحديث فيه واضح أنه لا ست إلا بعد قضاء رمضان.

فإن قال قائل: ما هو الدليل على جواز التأخير؟ وما هو الدليل على منع التأخير إلى ما بعد رمضان آخر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>