والاستعمال: أن يَمُرَّ الماءُ على العضو ويتساقط منه، وليس الماء المستعمَل هو الذي يُغتَرف منه، الماء المستعمَل هو الذي يتساقط بعد الغَسْل فيه؛ غسلتَ وجهَك، هذا الماء اللي يخرج من الوجه هو الماء المستعمَل، غسلتَ يديك هذا الماء الذي يتساقط من اليدين هو الماء المستعمَل، وأمَّا الماء المأخوذ منه فهذا ليس بمستعمَل، وقد يغلط بعض الطلبة ويظن أن الماء المستعمَل هو الماء المغترَف منه، وليس كذلك، بل الماء المستعمَل هو الذي يتساقط من الأعضاء بعد استعماله.
(استُعْمِلَ في طهارةٍ مُسْتَحبَّةٍ كتجديد وُضُوءٍ)
تجديد الوضوء سُنَّة، إذا صلَّى الإنسان بوضوئه الأول صلاةً ثم دخل وقتُ الصلاة الأُخرى فإنه يُسَنُّ أن يُجدِّد الوُضُوء وإن كان على طهارة، استعمله في تجديد الوضوء، فهل يكون طاهرًا أو طَهُورًا؟
الجواب: يكون طَهُورًا، لكنه يُكرَه، يكون طَهورًا لأنه لم يَرِد عليه ما ينقله عن الطَّهورية، ويكون مكروهًا للخلاف في سلبه الطَّهورية؛ لأن بعض العلماء يقول: إنه إذا استُعْمِل في طهارةٍ ولو مستحبَّة صار طاهرًا غير مطهِّر، فمِن أجْل هذا الخلاف صار مكروها.
وقد سبق لنا قبل هذه الليلة أن التعليل بالخلاف عليلٌ، وأن الصواب أن يُقال في الخلاف: إنْ كانت الأدلة محتمِلةً فالأَوْلى الاحتياط. لماذا؟ لاحتمال الأدلة، فهو من باب:«دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»(٢)، وإن كان الدليل واضحًا فلا عبرة بالخلاف ولا يغيَّر من أجْله الحكمُ؛ لأن الأدلة: الكتاب، والسُّنة، والإجماع، والقياس، أمَّا مسألة الخلاف فليس من الأدلة الشرعية.